أولاً ـ قوله تعالى: {وَأَنْزَلْنَا إِلَيْكَ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِمَا بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتَابِ وَمُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ عَمَّا جَاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجاً} ..

ثم أعيد الأمر مرة أخرى في الآية التالية لها بنفس النص:

{وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ وَلا تَتَّبِعْ أَهْوَاءَهُمْ وَاحْذَرْهُمْ أَنْ يَفْتِنُوكَ عَنْ بَعْضِ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ إِلَيْكَ} ..

ففي هذا النص عدة نقاط جديدة عما تقدم من الأمم:

أـ أن ما أُنزل على الرسول صلى الله عليه وسلم لهذه الأمة مع أنه مصدقاً لما بين يديه من الكتاب فهو مهيمن عليه.

ب ـ التحذير مرتين عن اتباع أهوائهم عما جاء من الحق.

ج ـ انفراد كل أمة بمنهاج تشريعي يخصها.

د ـ التحذير من أن يفتنوه صلى الله عليه وسلم عن بعض ما أنزل الله.

وفي النقطة الأولى بيان منزلة ما أنزل الله على هذه الأمة مما أنزله تعالى على الأمم الماضية من أنه مهيمن على كل ما سبقه من الكتب لاشتماله على كل ما فيها وزيادة عليه بما يلائم هذه الأمة فهو مهيمن على غيره ولا يهيمن غيره عليه.

وهذه الهيمنة هي التي جعلت هذه الأمة خير أخرجت للناس وكانت أمة وسطاً لتكون شهداء على الناس. وهي التي من أجلها غضب الرسول صلى الله عليه وسلم لما رأى الصحيفة في يد عمر بن الخطاب رضي الله عنه يتلوه من التوراة ويستحسنها. قال له: "ألم آت بها بيضاء نقية يا ابن الخطاب، والله لو أن موسى بن عمران حياً ما وسعه إلا اتباعي.." فلم يدع هذا الكتاب مجالاً لشيء من غيره..

طور بواسطة نورين ميديا © 2015