ثم جميع الأنبياء من بعد نوح عليه السلام في قوله تعالى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ وَأَنْزَلَ مَعَهُمُ الْكِتَابَ بِالْحَقِّ لِيَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ فِيمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ} فكان الناس أمة واحدة على التوحيد فاختلفوا فبعث الله النبيين من نوح وما بعده.
قيل كانوا على التوحيد حتى وقع الشرك في قوم نوح فبعث الله النبيين وأنزل مع كل نبي كتاباً بالحق ليحكم الله بكتابه أو يحكم النبي في قومه بكتاب الله، فيما اختلفوا فيه، فلم يترك الحكم لأحد من الخلق حتى الأنبياء، ولكن كان الحكم لله بمقتضى كتابه الذي ينزله على أنبيائه وهذا عام في الأنبياء.
ثم جاء في خصوص داود في تنصيبه خليفة للحكم بين الناس بالحق: {يَا دَاوُدُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الأَرْضِ فَاحْكُمْ بَيْنَ النَّاسِ بِالْحَقِّ وَلا تَتَّبِعِ الْهَوَى فَيُضِلَّكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّ الَّذِينَ يَضِلُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ شَدِيدٌ بِمَا نَسُوا يَوْمَ الْحِسَابِ} فجعل استخلافه في الأرض للحكم بين الناس، وجعل حكمه بالحق ونهاه عن اتباع الهوى وحذره من عقاب الذين يضلون عن سبيل الله الذي هو الحق …
وبعد داود أمة موسى. أنزل الله عليهم التوراة للحكم بما أنزل الله: {إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْرَاةَ فِيهَا هُدىً وَنُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هَادُوا وَالرَّبَّانِيُّونَ وَالأََحْبَارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتَابِ اللَّهِ وَكَانُوا عَلَيْهِ شُهَدَاءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ وَلا تَشْتَرُوا بِآيَاتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} .