ويمكن أن يقال أيضاً: هل منهم من تمت كلمته لا تبديل ولا تغيير أم أنهم في كل وقت يغيرون ويبدلون ويعدلون بحسب ما يطرأ عليهم مما لا يعلمون عند وضعهم للقوانين أو كلما جاءت أمة غيرت ما وضعته الأمة قبلها فلم يثبت لهم وضع ولم يسلم لهم قانون.
الحادية عشرة: قوله تعالى: {قُلْ أَرَأَيْتُمْ مَا أَنْزَلَ اللَّهُ لَكُمْ مِنْ رِزْقٍ فَجَعَلْتُمْ مِنْهُ حَرَاماً وَحَلالاً قُلْ آللَّهُ أَذِنَ لَكُمْ أَمْ عَلَى اللَّهِ تَفْتَرُونَ} . فهل من أولئك من ينزل الرزق للخلائق ويتصرف فيه فيملك التحريم والتحليل.
الثانية عشرة: قوله تعالى: {وَلا تَقُولُوا لِمَا تَصِفُ أَلْسِنَتُكُمُ الْكَذِبَ هَذَا حَلالٌ وَهَذَا حَرَامٌ لِتَفْتَرُوا عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ إِنَّ الَّذِينَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ لا يُفْلِحُونَ مَتَاعٌ قَلِيلٌ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ} .
وهنا تصريح بأن ما قننوه إنما هو ما تصف ألسنتهم الكذب افتراء على الله، وأنهم بذلك لا يفلحون ثم يثبت أنهم يمتعون قليلاً ثم يعذبون العذاب الأليم. وهذا واضح في تباعد صفاتهم من صفات من له حق التحليل والتحريم وفرض الحكم والزام الطاعة.
الثالثة عشرة: قوله تعالى: {قُلْ هَلُمَّ شُهَدَاءَكُمُ الَّذِينَ يَشْهَدُونَ أَنَّ اللَّهَ حَرَّمَ هَذَا فَإِنْ شَهِدُوا فَلا تَشْهَدْ مَعَهُمْ} . وهذا على قصد التعجيز عن بيان مستند التحريم.
فهذه الآيات كلها التي ساقها فضيلته حفظه الله في بيان من له حق الحكم والتشريع، وأن أخص ما فيها أنه تعالى له مقاليد السموات والأرض والخالق الرزاق الدائم الباقي العلي الكبير. يقلب الليل والنهار وتمت كلمته صدقاً وعدلاً، وما يكون من غيره كذب وافتراء، ولا يقيمون عليه شهادة ولا يفلحون ولهم عذاب أليم.