عن أم سلمة رضي الله عنها قالت: "كان رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتي وكان بيده سواك فدعا وصيفة له أولها حتى استبان الغضب في وجهه وخرجت أم سلمة إلى الحجرات فوجدت الوصيفة وهي تلعب ببهمة فقالت: ألا أراك تلعبين بهذه البهمة ورسول الله صلى الله عليه وسلم يدعوك فقالت: لا والذي بعثك بالحق ما سمعتك. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"لولا خشية القود لأوجعتك بهذا السواك " رواه أحمد, كما في الترغيب والترهيب ج4ص266.
وعن أبي سعيد الخدري قال: "بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقسم قسماً أقبل رجل فأكب عليه فطعنه صلى الله عليه وسلم بعرجون كان معه فجرح وجهه ثم قال له: "تعالى فاستقد. قال: بل عفوت يا رسول الله" أخرجه أبو داود والنسائي.
إن شعور الرهبة كان يسيطر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو ينادي الخادمة، وهو يطلب من الرجل أن يأخذ بحقه، إنه الخوف من الله أن يقتص منه لخادمة تغيبت عنه وظل يناديها فلم ترد عليه، لقد أبى النبي صلى الله عليه وسلم في ثورة الغضب أن يمسها بالسواك مخافة القصاص، وفي هذا تحذير بليغ لأولئك الذين يتفننون في إيذاء الناس، ويستعذبون تعذيبهم ويبغون في الأرض بغير حق، غافلين عن أن الله لا ينام وأنه عزيز ذو انتقام وأنه سريع الحساب شديد العقاب.
إن نبي الإسلام حريص كل الحرص على أن يربي في المسلمين خصوصاً حكامهم شعوراً جاداً وحاداً بالمسئولية يدفعهم إلى أن يقيموا الحق ويرفعوا الظلم ولو وقع على كاهل حيوان فضلاً عن إنسان.
عن عبد الله بن جعفر قال: "دخل النبي صلى الله عليه وسلم حائطاً لرجل من الأنصار فإذا فيه جمل فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم حنّ وذرفت عيناه فأتاه رسول الله فمسح ذفراه [22] فسكت فقال: من رب هذا الجمل؟ فقال فتى من الأنصار: هو لي يا رسول الله فقال: أفلا تتقي الله في هذه البهيمة التي ملكك الله إياها فإنه شكا إلي أنك تجيعه وتدئبه".