والشرق والغرب في هذا البلاء سواء، كنت أتحدث مع صديق من أحد البلاد الإسلامية في هذا المعنى فإذا بالصديق يعطيني صورة عمّا يتمّ في بلاده، ولا تختلف عن الصورة البشعة التي تتم في غيرها، تهريج وتطبيل وزمر وخداع وأصوات تشترى، وأصوات تباع، ولا طائل وراء هذا الهرج سوى الإضلال والبهتان، والطريق على الشرفاء والإمناء مسدود بحائط من الاستبداد أو الاستغلال أو الخداع فلا حرية، ولا رأي وإنما هي تمثيلية ليست محبوكة الأطراف وإنما مفضوحة الأوصاف.

وعدت بفكري إلى النظام الإسلامي البسيط الهادف، بلا تهريج ولا تلبيس، وهو نظام الشورى المركزة في أهل الحل والعقد، وفيه يتمّ إسناد الأمر إلى أهله الذين يستطيعون أن يقدروا المسئولية، ويستطيعوا أن يعطوا الكلمة وأن يحافظوا عليها، وإذا تركنا هذا المجال إلى مجال آخر كالمجال الاقتصادي فإننا نرى الإسلام يعطي لكل ذي حق حقه بلا إفراط ولا تفريط، ولا ميل لليمين أو للشمال، الغني له حريته في الكسب والعمل والتفكير والبحث عن منابع الرزق ليستفيد العالم منه كخلية حية نابضة بالحياة والجد والابتكار، وليتمتع الناس بقوة إنتاجه وبراعة فكره وجهده الذاتي، ولولا هذا الكدح الفردي ما كانت هناك مخترعات ولا حضارات.

وفي الوقت نفسه لاحظ الإسلام وجود نفر يتخلف عن المسيرة لعجز أو لضعف أو لسوء حظ – أحيانا - أو لغير ذلك، فلم يهمله ولم يترك الأغنياء وشأنهم، وإنما دعا الكل إلى التعاون، دعا المتقدمين إلى أن يأخذوا بأيدي المتمهلين في مودة وإخاء وتعاون وحب، فالفقير يطلب بإحسان والغني يعطي في إحسان، والكل يعلم أن الخلاق هو الذي يعطي وهو الذي أوجب الإحسان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015