والجواب أن القرآن وإن كان محفوظا من الضياع فإن بعضه ينسخ بعضا وإنساء الله نبيه بعض القرآن في حكم النسخ فإذا أنساه آية فكأنه نسخها ولا بد أن يأتي بخير منها أو مثلها. كما صرح به تعالى في قوله: {مَا نَنْسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنْسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِنْهَا أَوْ مِثْلِهَا} . وقوله تعالى: {وَإِذَا بَدَّلْنَا آيَةً مَكَانَ آيَةٍ وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِمَا يُنَزِّلُ} . وأشار هنا لعلمه بحكمة النسخ بقوله: {إِنَّهُ يَعْلَمُ الْجَهْرَ وَمَا يَخْفَى} وقوله تعالى: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} . هذه الآية الكريمة يفهم منها أن التذكير لا يطلب إلا عند مظنة نفعه بدليل أَنْ الشرطية. وقد جاء آيات كثيرة تدل على الأمر بالتذكير مطلقا كقوله: {فَذَكِّرْ إِنْ نَفَعَتِ الذِّكْرَى} وقوله: {وَلَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ} . وأجيب عن هذا بأجوبة كثيرة منها أن في الكلام حذفا أي إن نفعت الذكرى وإن لم تنفع كقوله: {سَرَابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرّ} أي والبرد وهو قول الفراء والنحاس والجرجاني وغيرهم. ومنها أنها بمعنى (إذ) وإتيان (إن) بمعنى (إذ) مذهب الكوفيين خلافا للبصريين. وجعل منه الكوفيون قوله تعالى: {اتَّقُوا اللَّهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وقوله تعالى: {وَأَنْتُمُ الأَعْلَوْنَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وقوله تعالى: {وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ} وقوله تعالى: {لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرَامَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ آمِنِينَ} وقوله صلى الله عليه وسلم: "وإنا إن شاء الله بكم لاحقون" وقول الفرزدق:
جهارا ولم تغضب لقتل بن حازم
أتغضب إن أذنا قتيبة حزتا
وأجاب البصريون عن آيات إن كنتم مؤمنين بأن فيها معنى الشرط جيء به للتهييج وعن آية إن شاء الله والحديث بأنهما تعليم للعباد كيف يتكلمون إذا أخبروا عن المستقبل وعن البيت بجوابين: