الأول: وهو الذي مال إليه ابن جرير وهو الأظهر عندي لدلالة ظاهر القرآن عليه هو أن قوله لابثين فيها أحقابا متعلق بما بعده أي لابثين فيها أحقابا في حال كونهم لا يذوقون فيها بردا ولا شرابا إلا حميما وغساقا فإذا انقضت تلك الأحقاب عذبوا بأنواع أخر من أنواع العذاب غير الحميم والغساق ويدل لهذا تصريحه تعالى بأنهم يعذبون بأنواع أخر من أنواع العذاب غير الحميم والغساق في قوله: {هَذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ} . وغاية ما يلزم على هذا القول تداخل الحال وهو جائز حتى عند من منع ترادف الحال كابن عصفور ومن وافقه. وإيضاحه أن جملة: لا يذوقون: حال من ضمير اسم الفاعل المستكن ونعني باسم الفاعل قوله لابثين الذي هو حال ونظيره من اتيان جملة فعل مضارع منفي بلا حالا في القرآن قوله تعالى: {وَاللَّهُ أَخْرَجَكُمْ مِنْ بُطُونِ أُمَّهَاتِكُمْ لا تَعْلَمُونَ شَيْئاً} أي في حال كونكم لا تعلمون.
الثاني: أن هذه الأحقاب لا تنقضي أبدا رواه ابن جرير عن قتادة والربيع بن أنس وقال إنه أصح من جعل الآية في عصاة المسلمين كما ذهب إليه خالد بن معدان.
الثالث: أنا لو سلمنا دلالة قوله أحقابا على التناهي والانقضاء فإن ذلك إنما فهم من مفهوم الظرف والتأبيد مصرح به منطوقا والمنطوق مقدم على المفهوم كما تقرر في الأصول. وقوله خالد بن معدان أن هذه الآية في عصاة المسلمين يرده ظاهر القرآن لأن الله قال وكذبوا بآياتنا كذابا: وهؤلاء الكفار.
سورة النازعات