3- وروى الترمذي أيضا عن المطلب بن وداعة قال: جاء العباس إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وكأنه سمع شيئا. (أي من الطعن في بني هاشم) فقام النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر فقال: "من أنا" فقالوا"أنتَ رسول الله عليك السلام"فقال: "أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إن الله خلق الخلق فجعلني في خيرهم قبيلة ثم جعلهم فرقتين فجعلني في خيرهم فرقة ثم جعلهم قبائل فجعلني في خيرهم قبيلة ثم جعلهم بيتا وخيرهم نفسا"، فهذه الفرق والقبائل والبيوت كلها من البشر ولو كان رسول الله من عنصر آخر لذكره في هذه المناسبات وإنا لنأسف إذ نستنبط أمورا بديهية هي من باب تحصيل الحاصل ولكن ماذا نصنع وقد وجد في الناس من يتلقف أفكارا مسمومة هدامة تدس على المسلمين الهدف منها هدم الإسلام واقتلاع قواعد التوحيد من الأساس يتلقفونها ثم لا تلبث أن تتحول عندهم إلى عقائد راسخة من أعظم أركان الدين فيوالون يعادون من أجلها ويحرفون نصوص القرآن والسنة من أجلها مهما بلغت من الكثرة والوضوح.
وعندما رسخت في نفوسهم هذه الأفكار المدسوسة شوهت نظرهم الصحيح فأصبحوا ينظرون إلى البشرية من الزاوية التي نظر منها المشركون فكان المشركون يتحقرون البشرية ويرون استحالة اجتماع البشرية والرسالة وأن الإنسان لا يمكن أن يرتفع إلى مستوى يؤهله لتلقي الوحي من الله.
قال تعالى حكاية لموقفهم: {وَمَا مَنَعَ النَّاسَ أَنْ يُؤْمِنُوا إِذْ جَاءَهُمُ الْهُدَى إِلاَّ أَنْ قَالُوا أَبَعَثَ اللَّهُ بَشَراً رَسُولاً} .
{قَالُوا إِنْ أَنْتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُنَا تُرِيدُونَ أَنْ تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَانٍ مُبِينٍ} .
{قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِنْ نَحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مِثْلُكُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ يَمُنُّ عَلَى مَنْ يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ} .