والمعاندون هم الذين يرون الحقائق ماثلة أمام أعينهم ولكنهم يكابرون ويجادلون ويختلقون الأكاذيب، لطمس الحقائق وصرف العقول، وهم الذين يقول الله تعالى فيهم: {يُجَادِلُونَكَ فِي الْحَقِّ بَعْدَ مَا تَبَيَّنَ كَأَنَّمَا يُسَاقُونَ إِلَى الْمَوْتِ وَهُمْ يَنْظُرُونَ} ، وإذا وضح الحق ماثلا أمامهم لا سبيل إلى نكرانه كابروا، {وَقَالُوا قُلُوبُنَا فِي أَكِنَّةٍ مِمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ وَفِي آذَانِنَا وَقْرٌ وَمِنْ بَيْنِنَا وَبَيْنِكَ حِجَابٌ} فإذا أحرجتهم الحقائق الملموسة تعنتوا في جدالهم وطالبوا بالمستحيلات، {وَقَالُوا لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى تَفْجُرَ لَنَا مِنَ الأَرْضِ يَنْبُوعاً أَوْ تَكُونَ لَكَ جَنَّةٌ مِنْ نَخِيلٍ وَعِنَبٍ فَتُفَجِّرَ الأَنْهَارَ خِلالَهَا تَفْجِيراً أَوْ تُسْقِطَ السَّمَاءَ كَمَا زَعَمْتَ عَلَيْنَا كِسَفاً أَوْ تَأْتِيَ بِاللَّهِ وَالْمَلائِكَةِ قَبِيلاً} .
ومن هؤلاء من يجادل في الله بغير علم ولا هدى ولا كتاب منير وفيهم يقول الله تعالى: {وَلَوْ نَزَّلْنَا عَلَيْكَ كِتَاباً فِي قِرْطَاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هَذَا إِلاَّ سِحْرٌ مُبِينٌ} ويقول فيهم: {وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِمْ بَاباً مِنَ السَّمَاءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ لَقَالُوا إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ} وأمثال هؤلاء لا سبيل إلى جدالهم، وإنما السبيل فضحهم وكشف عبثهم حتى لا يفتنوا غيرهم بما يلفقونه من سفسطة ومهاترات.
ثالثا - التأمل والاستنباط: