أما الناحية الخاصة وهي ما تشير إليه الآية الكريمة في قوله تعالى: {وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ} فالمقصود هنا أن الله يأمر بقيام جماعة من العلماء مؤيدة بسلطان بحيث تأمر فتطاع، وتنكر فتنفذ حدود الله على من ارتكب منكران وتتولى إعداد الدعاة بالتعليم لتكون سلسلة هذه الجماعة متصلة الحلقات إلى قيام الساعة تحقيقا لقول الرسول صلى الله عليه وسلم: "لا تزال طائفة من أمتي قائمة على أمر الله لا يضرهم من خالفهم حتى يأتي أمر الله ".
والقيام بأمر الدعوة إلى الله والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ليس هينا ولا يسيرا لما يصطدم به من شهوات الناس ومصالحهم، وغرورهم وكبريائهم، وفيهم الظالم المفتري والحاكم المتسلطن والمنحل، والمنحرف، لهذا كان تكليف الله به عظيما يحتاج من الأمة المسلمة أن تهيئ له جماعة تتمكن بسلطانها من أن تدفع عن الجماعة المسلمة كل ما تتعرض له في دينها وأخلاقها ومعاملاتها مما يتنافى مع الشريعة وتقاوم كل ظالم ومتسلط ومنحرف.
أما إن كانت مسألة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر منحصرة في حدود وعظ وإرشاد فقد تعرضت الأمة للانهيار، وقد شاهدنا في أغلب دول المسلمين أنها اكتفت في أمر هذا التكليف بالوعظ والإرشاد، وكان من نتيجة إهمال الحدود انحراف البسطاء وتسلط الأقوياء الظالمين حتى أصبح الدين الإسلامي مجرد طقوس يقوم بها بعض الضعفاء.