كانت تصفية المعركة تبعا لنتائجها في المغانم والأسرى أما المغانم فقد أخذت من أيديهم بعد تنازعهم فيها وجعلت لله ولرسوله يضعها حيث شاء فقسمها بينهم. وسميت أنفالا والأنفال ما ينفله الإمام للغزاة. وكأنه تشبيه بالغبي الذي قال فيه تعالى: {وَمَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْهُمْ فَمَا أَوْجَفْتُمْ عَلَيْهِ مِنْ خَيْلٍ وَلا رِكَابٍ وَلَكِنَّ اللَّهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلَى مَنْ يَشَاءُ} .
وهنا قال: {فَلَمْ تَقْتُلُوهُمْ وَلَكِنَّ اللَّهَ قَتَلَهُمْ وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللَّهَ رَمَى} فكانت أنفال بدر بمقتضى ذلك لله ولرسوله.
وقال ابن كثير: "قال الإمام أحمد: وساقه بسنده إلى أبي أمامة قال: سألت عبادة عن الأنفال قال: "فينا نزلت أصحاب بدر حين اختلفنا في النفل وساءت فيه أخلاقنا فانتزعه الله من أيدينا وجعله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بين المسلمين عن بواء (عن سواء) ". وعنه: "خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فشهدت معه بدرا فالتقى الناس فهزم الله العدو فانطلقت طائفة في إثره يرجمون ويقتلون وأقبلت طائفة على العسكر يحوزونه ويجمعونه. وأحدقت طائفة برسول الله صلى الله عليه وسلم لا يصيب العدو منهم غرة حين إذا كان الليل وفاء الناس بعضهم إلى بعض. قال الذين جمعوا الغنائم: نحن حويناها فليس لأحد فيها نصيب. وقال الذين خرجوا في طلب العدو: لستم بأحق به منا، نحن منعنا عنه العدو وهزمناهم. وقال الذين أحدقوا برسول الله: خفنا أن يصيب العدو منه غرة فاشتغلنا به فنزلت {يَسْأَلونَكَ عَنِ الأَنْفَالِ قُلِ الأَنْفَال ... وَأَصْلِحُوا ذَاتَ بَيْنِكُم} . فقسمها صلى الله عليه وسلم بين المسلمين".