بدر الكبرى
للشيخ محمد عطية سالم
القاضي بالمحكمة الشرعية بالمدينة
تعتبر السيرة النبوية بيانا ومنهجا لسيرة الدعوة وأسلوب الداعي وسجلا لأحداث الكيان الإسلامي من أول بدء الوحي إلى خاتمته وهي جديرة بالدرس والتحليل للتأسي والاقتداء {لَقَدْ كَانَ لَكُمْ فِي رَسُولِ اللَّهِ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كَانَ يَرْجُو اللَّهَ وَالْيَوْمَ الآخِرَ ... }
ولكل موقف في السيرة ظروف وملابسات تخصه، وإن غزوة بدر تميزت عن جميع الغزوات والمواقف بتوجيه مباشر بوحي يتلى، وفق خطة مسبقة وكان دور المسلمين فيها التطبيق العملي.
ولا نُبعد إذا قلنا أن تلك الخطة منوه عنها قبل الهجرة في قوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} . وكان عمر رضي الله عنه يقول: "لم أعلم أي جمع حتى رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر يثب في الدرع ويقرأ {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} "
ولكن أحداث مكة وطريق الهجرة غطت على هذا التنويه. ثم جاء الوعد الصريح في العهد القريب. {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ أَنَّهَا لَكُمْ} تحقيقا للخطة السابقة. وهاهو التوجيه الإلهي لتحقيق ذلك وتنفيذه على أيدي المسلمين بتوجيه رب العالمين.
وجوانب الغزوة عديدة ولا يمكن الإلمام بجميع جوانبها في عرض سريع ولا تستوعبها محاضرة عاجلة.
ولكن على سبيل الإجمال فإن جميع الغزوات تشترك في جوانب أساسية هي
1- الأسباب الدافعة عليها.
2- الإعداد لها مسبقا من:
أ- جند، ب- عتاد، جـ -تموين، د- اختيار المكان والزمان إن أمكن، هـ - وضع الخطة الملائمة للزمان والمكان والظروف مع اعتبار قوى العدو وظروفه ونوع سلاحه وطريقة قتاله، وغير ذلك.