ويبدو - والله أعلم - أنها راجت بفعل وسوسة الشيطان، وقابلية كثير من الناس لذلك، لما فيها من إرضاء غرور الإنسان وإعجابه بنفسه وذكائه، فيرى أنه توصل إلى علم مغيب عنه بحسن نظره وقوة ذكائه، فيتيه بذلك كبراً وغطرسة، ويجتهد في الدفاع عن قناعته الشخصية، التي هي أشبه بالزبد الذي لا يشفي ولا يروي.

فتأثر بتلك المقولات الفاسدة كثير من أتباع الأديان، فقد دخلت على اليهود وتأثروا بها كثيراً، وأثرت في معرفتهم لربهم وعبادتهم له عز وجل، كما دخلت بشكل أكبر على النصارى، حتى آل أمر الديانة النصرانية إلى مزيج فلسفي وثني، ضاعت معه معالم التوحيد والنور.

وكما هو معلوم، فإن كلا من الديانتين السابقتين قد انطفأ نورها واستحكمت الضلالة على أهلها، بما حرفوا وضيعوا من وحي الله وشرعه، إلا أن الله تعالى الرحيم الكريم لم يترك البشر ألعوبة بيد أهل الضلالة يلقنونهم الغواية تلو الغواية، وإنما أرسل من لطفه وكرمه نبيه الكريم محمداً صلى الله عليه وسلم إلى بني البشر كافة، وأنزل معه الكتاب بالحق ليقوم الناس بالقسط، ويتعرفوا على ربهم تبارك وتعالى المعرفة الصحيحة، التي تنير قلوبهم، وتشرح صدورهم وتزيح عنهم غشاوة الجهل والضلالة، وترفع عنهم إصرهم والأغلال التي غلهم بها الشيطان وحزبه من الفلاسفة، وأضرابهم من الأحبار والرهبان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015