الحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات, وعليه يصلح أمر الدنيا والآخرة، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، خاتم النبيين وصفوة الخلق أجمعين, صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلم تسليماً كثيراً.
أما بعد: فها أنذا الآن أقف على عتبة النهاية، لأودع تلك الخلاصة المباركة, التي سرت فيها - ما استطعت - مع الوضع في مساره عبر تاريخه الطويل, الحافل بالكذب والأباطيل من ناحية, وبالجهد والجهاد والمقاومة من ناحية أخرى.
فأولاً: مهدت للموضوع بكلمات موجزة عن الحديث الموضوع وبينت تعريفه وحكم وضعه مرجحاً أنه من اكبر الكبائر, ثم تحدثت عن حكم روايته وأنه حرام بالإجماع إلا إذا بين الراوي حاله, وصرح بأنه موضوع.
ثانياً: تحدثت عن آثار الوضع السلبية ومبلغ الجروح التي أحدثتها في الأمة في دينها ومجتمعها واقتصادها ونفوس أبنائها, ثم عن ظاهرة القصاص وكيف أنها برمتها أثر من آثار وضع الحديث.
ونظرة عاجلة إلى تلك الآثار, تعطي القارئ درساً وعظة, فهي تنبيء عن المسئولية الضخمة الملقاة على عاتق الشباب المسلم في هذا العصر وفي هذا المضمار بالذات. وتنبئ عن الضرورة الملحة في الحذر من الوضاعين والموضوعات في جميع مجالات الحياة كي لا تتكرر المآسي, وتتجدد الآثار.
ثالثاً: أوضحت - ما أستطعت - بعض جهود العلماء لمقاومته في جميع الجهات من جمع للأحاديث الثابتة في مسانيد وصحاح وسنن ومصنفات، ومن اهتمام بالإسناد ووضع لقواعد علوم الحديث, وكيف أن هذين الموضعين كَوَّنا أصول النقد في العلوم الأخرى من أدب وتاريخ.. ونحوهما، ثم عن جهد العلماء في نقد الرواة وتتبع الكذابين في كل مجال, ثم عن التأليف والتصنيف في الوضاعين والموضوعات.