وأما الثالث: وهو من رواه من غير بيان لحاله مع علمه بأنه موضوع فهو مأزور وآثم, سواء ذكر إسناد الموضوع أم لا، إذ لا يكتفى بإيراد الإسناد في هذا الزمان, بل لابد من التصريح بأنه موضوع وكذب على الرسول صلى الله عليه وسلم, فذكر الإسناد وعدمه سواء, يقول السخاوي (ت 902) : "ولا تبرأ العهدة في هذه الأعصار بالاقتصار على إيراد إسناده - أي الموضوع - لعدم الأمن من المحذور به, وإن كان صنعة أكثر المحدثين في الأعصار الماضية" (?) وهذا في عصر السخاوي في القرن التاسع فما بالك بعصرنا الحاضر؟! فقد كانت طريقة الاكتفاء بالإسناد معروفة لدى القدماء، لأن علماء عصرهم يعرفون الإسناد, فتبرأ ذمتهم من العهدة بذكر السند، أما عصرنا هذا فقد سرت العدوى فيه من إضاعة الإسناد إلى إضاعة المتون، ولا حول ولا قوة إلا بالله.
عقوبة من روى الحديث الموضوع في الدنيا:
أما عقوبة من روى الحديث الموضوع في الدنيا فقد أجاب ابن حجر الهيتمي المكي (ت 974) على سؤال ورد إليه ونصه كالتالي: لنا إمام يروي أحاديث لا يبين مخرجيها ولا رواتها فما الذي يجب عليه؟ فأجاب: "من فعله وهو ليس من أهل المعرفة بالحديث, ولم ينقلها عن عالم بذلك, فلايحل له ومن فعله عزر عليه التعزيز الشديد.. ويجب على حكام بلد هذا الخطيب منعه من ذلك إن ارتكبه" (?) هذا فيمن روى حديثاً مجهول الحال فضلاً عن أن يكون موضوعاً, أما عن الموضوع بالذات: فقد كتب البخاري (ت 256) على ظهر كتاب ورده فيه سؤال عن حديث مرفوع وهو موضوع, فكتب "من حدث بهذا استوجب الضرب الشديد والحبس الطويل" (?) .
حكم العمل به: