فلمّا أخذها هذا المأخذ اضطر إلى هذا التقدير في قوله تعالى: {قَالَ فَعَلْتُهَا إِذاً وَأَنَا مِنَ الضَّالِّينَ} (?) ، فلما قدّر: إن كنتُ فعلتُها فأنا ضالٌّ، جاءه إثبات الضلال لموسى عليه السلام؛ قال: ولم يرد إثبات الضلال لنفسه، فأثار إشكالاً على فهمه، فكان انفصاله عن هذا بأنْ قال: معنى قوله: {وَأَنْتَ مِنَ الْكَافِرِينَ} (?) ، أي: بأنعمي، فقال له موسى عليه السلام: إنْ كنتُ فعلتُها كافراً بنعمتك فأنا من الضالين، أي: من الجاهلين بأنّ الوكزة تقضي على القبطيّ".
ثم قال ابن عصفور: "وكلامه معترَضٌ في هذا بيِّنُ الاعتراض؛ لأنّه بنى الأمر على أنّ " إِذَنْ" شرط وجواب، وليس كذلك، بل إنّما هي جوابٌ بمعنى أنّها لاتقال مبتدأة، ولابدّ أن يتقدمها كلام، فلا تقول أبداً:"إِذَنْ أزورَك" ابتداء، فهي جواب وتكون جزاءً، ولا يلزم أن يكون ذلك فيها مجموعاً" (?) .
وقد بيّن ابن هشام الأنصاريّ متى تكون "إِذَنْ" جواباً؟ بقوله: "والأكثر أن تكون جواباً لـ"إِنْ" أو "لو" ظاهرتين أو مقدرتين" (?) .
وخلاصة القول إنّ "إِذَنْ" تكون جواباً وجزاءً، فقد يجتمع فيها هذان، وقد ينفرد أحدهما، فإذا قلت لمن قال لك: "أنا أزورُك"، "إِذَنْ أُكرمَك"، فهذا جوابٌ وجزاءٌ؛ وإذا قال لك: "أُحبُّك"، فتقول له: "إِذَنْ أظنُّك صادقاً"، فهذا جواب لاجزاء معه، فعلى هذا لاتخلو من الجوابِ، وتكون في بعض المواضع جزاءً.
المسألة الخامسة:
حكم"إِذَنْ"إِن وقعت بين شيئين متلازمين (?) :