أَمّا جمهور النحويين فيرون أنّها الناصبة للمضارع بنفسها، لا "أَنْ" مضمرة بعدها، وقد انتصر المالقيّ لمذهب الجمهور مدلّلا على فساد المذهب الآخر بقوله: "وكأنّ من نصب بإضمار "أَنْ" قاسها على "حتى، وكي، ولامها، ولام الجحود"، ولا يصحُّ القياس على ذلك؛ لأنّ حتى، وكي، ولامَها، ولامَ الجحود إنّما تنصب بإضمار "أَنْ"؛ لجواز دخولها على المصادر، وربما ظهرت "أَنْ" مع بعضها في بعض المواضع على ما يُبيّن بعد، ولما كانت "إِذَنْ" لايصحُّ دخولها على مصدرٍ ملفوظٍ به ولا مقدّرٍ، ولايصحُّ إظهار "أَنْ" بعدها في موضعٍ من المواضع، لم يجز القياس في نصب مابعدها على ماذُكر" (?) .

المسألة الثالثة: شروط عمل "إِذَنْ" (?) :

ذهب أكثر النحويين إلى أنّ "إِذَنْ" حرف ينصب المضارع بثلاثة شروط، وبعض النحاة جعلها أربعة، وبعضهم فصّل الشروط فجعلها خمسة، ومن النحاة من اشترط في نصبها المضارعَ ستةَ شروطٍ:

الأول: أن تكون "إِذَنْ" واقعةً في صدر الكلام:

أي: في أوّل الكلام؛ لأنّها حينئذٍ في أشرف محالها، فإن تأخرت أُلغيت حتماً نحو: "أكرمُك إِذَنْ" بلا خلاف؛ لأنّ الفعل المنصوب لايجوز تقديمه علىناصبه، أَمّا إذا توسطت، أي: وقعت حشواً في الكلام وذلك بأن اعتمد مابعدها على ماقبلها، مثل أن تتوسط بين الشرط وجزائه، وبين القسم وجوابه، وبين المبتدأ وخبره، وجب إلغاؤها في الصور كلّها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015