وقد أمر سبحانه وتعالى عباده بالشكر، بل إنه قرن سبحانه وتعالى الشكر بالذكر إذ قال: {فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} (?) . كما وعد بالجزاء على الشكر، بل قطع سبحانه بالمزيد مع الشكر فقال: {وَسَنَجْزِي الشَّاكِرِينَ} (?) . وقال أيضًا: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} (?) . وقال أيضًا: {وَأَمَّا بِنِعْمَةِ رَبِّكَ فَحَدِّثْ} (?) . وقال أيضًا: {وَقَلِيلٌ مِنْ عِبَادِيَ الشَّكُورُ} (?) .
وأقوال العلماء المفسرين حول هذه الآيات تؤيد المعاني السابقة في شكر الله سبحانه وتعالى، وتؤكدها، فقد قال أبو جعفر الطبري عند قوله تعالى: {وَاشْكُرُوا لِي وَلا تَكْفُرُونِ} أي لا تجحدوا إحساني إليكم فأسلبكم نعمتي التي أنعمت عليكم، ولكن اشكروا لي عليها، وأزيدكم فأتمم نعمتي عليكم، وأهديكم لما هديت له من رضيت عنه من عبادي، فإني وعدت خلقي أن من شكر لي زدته، ومن كفرني حرمته، وسلبته ما أعطيته (?) .
قلت: وقول أبي جعفر هنا "ومن كفرني" ليس بالضرورة أن يكون هو (الكافر) حقيقة وهو مقابل (المسلم) ، ولكن يريد ما هو أعم من هذا، فيدخل فيه من جحد النعمة فلم يظهرها ويؤدي حقها وشكرها على المعاني السابقة، والله أعلم.
وقال القرطبي معلقًا على الآية الأخرى: {لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} أي لئن شكرتم إنعامي عليكم لأزيدنكم من فضلي، والآية نص في أن الشكر سبب المزيد (?) .