والذي يظهر لنا أن القول بالنسخ أرجح وليس المرجح لذلك عندنا أنه قول جماعة من الصحابة ومن بعدهم منهم علي وابن عباس وأنس وغيرهم ولكن المرجح له عندنا أنه قول أعلم الناس بالمسألة أعني أزواجه صلى الله عليه وسلم لأن حليَّة غيرهن من الضرات وعدمها لا يوجد من هو أشد اهتماما بهما منهن فهن صواحبات القصة وقد تقرر في علم الأصول أن صاحب القصة يقدم على غيره ولعل هناك تفريق بين ما إذا كان صاحب القصة راويا وبين كونه مستنبطا كقصة فاطمة بنت قيس في إسقاط النفقة والسكنى فالحجة معها والحديث يؤيدها ومع ذلك فعمر يرد قولها. ولذلك قدم العلماء رواية ميمونة وأبي رافع أنه صلى الله عليه وسلم تزوجها وهو حلال على رواية ابن عباس المتفق عليها أنه تزوجها محرما لأن ميمونة صاحبة القصة وأبا رافع سفير فيها فإذا علمت ذلك فاعلم أن ممن قال بالنسخ أم المؤمنين عائشة رضي الله عنها قالت: "ما مات صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له النساء". وأم المؤمنين أم سلمة رضي الله عنها قالت: "لم يمت صلى الله عليه وسلم حتى أحل الله له أن يتزوج من النساء ما شاء إلا ذات محرم". أما عائشة فقد روى عنها ذلك الإمام أحمد والترمذي وصححه النسائي في سننيهما والحاكم وصححه وأبو داود في ناسخه وابن المنذر وغيرهم. وأما أم سلمة فقد رواه عنها ابن أبي حاتم كما نقله عنه ابن كثير وغيره ويشهد لذلك ما رواه جماعة عن عبد الله بن شداد رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم تزوج أم حبيبة وجويرية رضي الله عنهما بعد نزول {لا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاء} . قال الألوسي في تفسيره أن ذلك أخرجه عنه ابن أبي شيبة وعبد بن حميد وابن أبي حاتم والعلم عند الله تعالى.

سورة سبأ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015