هذه الآية الكريمة التي ابتدأت بالتسبيح جاءت معترضة بين آيات ينكر الله – تعالى - فيها على المشركين إعراضهم عن دعوة الرسل وكفرهم به، ويوجّه فيه أنظارهم إلى عظيم نعمه وآثار قدرته، وتلكم الآيات هي قوله تعالى: {يَا حَسْرَةً عَلَى الْعِبَادِ مَا يَأْتِيهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاَّ كَانُوا بِهِ يَسْتَهْزِئُونَ. أَلَمْ يَرَوْا كَمْ أَهْلَكْنَا قَبْلَهُمْ مِنَ الْقُرُونِ أَنَّهُمْ إِلَيْهِمْ لا يَرْجِعُونَ. وَإِنْ كُلٌّ لَمَّا جَمِيعٌ لَدَيْنَا مُحْضَرُونَ. وَآيَةٌ لَهُمُ الأَرْضُ الْمَيْتَةُ أَحْيَيْنَاهَا وَأَخْرَجْنَا مِنْهَا حَبّاً فَمِنْهُ يَأْكُلُونَ. وَجَعَلْنَا فِيهَا جَنَّاتٍ مِنْ نَخِيلٍ وَأَعْنَابٍ وَفَجَّرْنَا فِيهَا مِنَ الْعُيُونِ. لِيَأْكُلُوا مِنْ ثَمَرِهِ وَمَا عَمِلَتْهُ أَيْدِيهِمْ أَفَلا يَشْكُرُونَ. سُبْحَانَ الَّذِي خَلَقَ الأَزْوَاجَ كُلَّهَا مِمَّا تُنْبِتُ الأَرْضُ وَمِنْ أَنْفُسِهِمْ وَمِمَّا لا يَعْلَمُونَ. وَآيَةٌ لَهُمُ اللَّيْلُ نَسْلَخُ مِنْهُ النَّهَارَ فَإِذَا هُمْ مُظْلِمُونَ} الآيات (?) .
ووجه مجيء التسبيح في آيته ههنا بين هذه الآيات أنّه سيق لتنزيه الله ذاته العليّة عمّا فعله المشركون من الشرك وترك شكره تعالى وعن كلّ ما لا يليق بإلهيته وعظمته، وذلك مع ما يرونه ممّا ذكر في هاته الآيات من بدائع آثار قدرته وروائع نعمته الموجبة لتوحيده وشكره وإخلاص العبادة له (?) .
وفيه أيضاً معنى التعجب من إخلالهم، أي: عجباً لهؤلاء في كفرهم مع ما يشاهدونه من هذه الآيات (?) .
مطلب: في بيان صلة التسبيح: