- ولمّا ذكر الله -عزّ وجلّ- قول المشركين وعرّض بالوعيد عليه أتبع ذلك باعتراض بين المستثنى منه والمستثنى يتضمّن إنشاء تنزيه له تعالى عمّا نسبوه إليه من الولد وهو قوله: {سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ} فهو إنشاء من جانب الله تعالى لتنزيهه، وتلقين للمؤمنين بأن يقتدوا بالله في ذلك التنزيه؛ وتعجيب من فظيع ما نسبوه إليه (?) .

- ومن بعد هذا التسبيح يأتي الاستثناء بقوله عز وجل: {إِلاَّ عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ} وهو إمّا أن يكون استثناءً منقطعاً والتقدير: لكن عباد الله المخلصين بريئون عن أن يصفوا الله بشيء من ذلك. وإمّا أن يكون متصلاً إذا كان استثناء من المحضرين، أي إنهم يحضرون العذاب إلاّ من أخلص (?) . والله أعلم بمراده.

المطلب الثاني: في بيان الموضع الثاني:

قال الله تعالى: {سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ. وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ} (?) .

- إنّ موضع التسبيح –ههنا- يأتي أوّل ثلاث آيات كريمات شكّلت بمجموعها خاتمة لسورة الصافات بأجمل وأبدع ما يكون من ختام في تناسق نظمٍ ومعنى وبيان (?) .

ولذلك سيكون بيان هذا الموضع على ما يلي:

أولاً: مناسبة تسبيح الله ذاته لما قبله من الآيات.

- في مناسبة مجيء تسبيح الله ذاته الكريمة-ههنا- وجهان ذكرهما المفسرون: وجه نُظِر فيه إلى مجمل سورة الصافات حيث جاء التسبيح في خاتمتها، ووجه روعي فيه النظر إلى أقرب الآيات مكاناً لآية التسبيح. وكلا الوجهين هما في محلّ الاعتبار.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015