- لمّا ذكر الله عز وجل فيما قبل حقيقة عيسى عليه السلام وأنّه خلقه عبداً نبياً نفى عن ذاته الكريمة اتخاذ الولد ردّاً على النصارى الذين قالوا ببنوّته - عليه السلام - تعالى الله عن قولهم علواً كبيراً –فقال عزّ وجلّ: {مَا كَانَ لِلَّهِ أَنْ يَتَّخِذَ مِنْ وَلَدٍ} أي ما يصحّ ولا يليق ولا يتأتّى ولا يُتصوّر في حقه جلّ وعلا أن يتخذ ولداً (?) . وكما قال الجمل (?) في حاشيته على الجلالين: "والمعنى أنّ ثبوت الولد له محال" (?) . وهو كقوله تعالى: {وَمَا يَنْبَغِي لِلرَّحْمَنِ أَنْ يَتَّخِذَ وَلَداً} (?) .

وهذه الجملة الكريمة تفيد انتفاء الولد عنه تعالى بأبلغ وجه؛ وذلك لأنّ لام الجحود تفيد مبالغة النفي، وأنّه ممّا لايلاقي وجود المنفي عنه ولأن في قوله: {أَنْ يَتَّخِذَ} إشارة إلى أنّه لو كان له ولد لكان هو خلقه واتخذه؛ فلم يَعْدُ أن يكون من جملة مخلوقاته، فإثبات البنوّة له خُلْف من القول، وكذلك فإن الإتيان بـ (مِن) مزيدة قبل المفعول في قوله: {مِنْ وَلَدٍ} يفيد تأكيد عموم النفي ومبالغته (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015