المبحث الثالث
في آية سورة الأنعام:
قال الله تعالى: {وَجَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكَاءَ الْجِنَّ وَخَلَقَهُمْ وَخَرَقُوا لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُونَ. بَدِيعُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ أَنَّى يَكُونُ لَهُ وَلَدٌ وَلَمْ تَكُنْ لَهُ صَاحِبَةٌ وَخَلَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} (?) .
مطلب: في بيان موضع التسبيح وغايته:
- الشاهد في آية التسبيح -ههنا- قوله تعالى حكاية وإخباراً عن المشركين: {وَخَرَقُوا (?) لَهُ بَنِينَ وَبَنَاتٍ بِغَيْرِ عِلْمٍ} ومعنى: {خَرَقُوا} أي اختلقوا وافتعلوا وكذبوا على الله تعالى. ومنه يقال: اختلق الإفك واخترقه وخرقه. أو أصله من: خرق الثوب: إذا شقّه، أي اشتقوا له بنين وبنات (?) .
وقوله: {بِغَيْرِ عِلْمٍ} أي بحقيقة ما قالوه من خطأ أو صواب، بل رمياً بقول عن عَمى وجهالة وضلالة من غير فكر ولا رَوِيَّة. أو بغير علم بمرتبة ما قالوه وأنّه من الشناعة والبطلان بحيث لا يقادر قدره (?) .
- وبعد أن أخبر الله عمّا نسبه إليه المشركون من الولد نزه الله ذاته العليّة عمّا نسبوه له ووصفوه به فقال: {سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى عَمَّا يَصِفُون} .
قال أبو السعود: " {سُبْحَانَهُ} استئناف مسوق لتنزيهه عزّ وجلّ عمّا نسبوه إليه" (?) .
مطلب: في بيان الآية بعد التسبيح:
جاءت الآية بعد التسبيح بأربعة استدلالات تنزه الله عن الولد فهي بمثابة التعليل للتنزيه.