وهذه أوّل حجة في الآية على نقض وإبطال دعوى شركهم بالله تعالى؛ فإنّ الذي لا يملك ضراً ولا نفعاً لا يستحق أن يُعبد؛ بل الذي يملكهما هو الذي ينبغي أن تصرف العبادة إليه، وما ذاك إلاّ الله -عزّ وجلّ - وهي حجة جدّ قوية في بابها. ألا نسمع لقول إبراهيم - عليه السلام - محاجاً قومه في عبادتهم للأوثان من دون الله {قَالَ أَفَتَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ مَا لا يَنْفَعُكُمْ شَيْئاً وَلا يَضُرُّكُمْ أُفٍّ لَكُمْ وَلِمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَفَلا تَعْقِلُونَ} (?) .

- وحكاية لفرط ضلالهم وجهلهم بالله مع عبادتهم غيره، وتسفيهاً وتحقيراً لرأيهم قال الله عنهم: {وَيَقُولُونَ هَؤُلاءِ شُفَعَاؤُنَا عِنْدَ اللَّهِ} زعموا أنهم يشفعون لهم عند الله فلا يعذبهم بذنوبهم إنْ كان هناك يوم آخر يرجعون فيه إليه فيحاسبهم بما قدّموا. وهذا غاية - بلا شك - في الجهالة والافتراء حيث إنّهم ينتظرون الشفاعة في المآل ممّن لا يوجد منه نفع ولا ضرّ في الحال (?) هذا مع اعترافهم في مقالتهم - هذه - بأنّ المتصرّف هو الله تعالى وحده؛ حيث جعلوا لهم شفعاء عنده (?) .فدعواهم تحمل في طيّاتها ماينقضها بسبب تناقضها واعتمادها على أساس غير صحيح ولا مقبول عقلاً ولا واقعاً.. ولذلك جاء التعبير بالمضارع في قوله تعالى: {وَيَعْبُدُونَ} و {يَقُولُونَ} لاستحضار حالتهم العجيبة في استمرارهم على عبادتهم غير الله وافترائهم عليه تعجيباً من تصميمهم وعنادهم على ضلالهم الذي لا يقوم على دليل ولا حجة بل هو ينقض بعضه بعضاً (?) .

طور بواسطة نورين ميديا © 2015