- وأما قوله تعالى: {وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ} فتخصيص المسيح بالذكر لأنّ تأليه النصارى إيّاه أشنع وأشهر (?) .
- وجملة {مَا أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا إِلَهاً وَاحِداً} في موضع الحال من ضمير {اتَّخَذُوا} وهي محطّ زيادة التشنيع عليهم وإنكار صنيعهم بأنهم لا عذر لهم فيما زعموا، لأنّ وصايا كتب الملّتين مليئة بالتحذير من عبادة المخلوقات ومن إشراكها في خصائص الإلهية (?) .
- وقوله {لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ} صفة ثانية لـ {إِلَهاً وَاحِداً} وهو توكيد لاستحقاقه تعالى للعبودية والطاعة دون سواه. فلا يعبد إلاّ هو، وإذا حرّم شيئاً فهو الحرام؛ وما حلله فهو الحلال؛ وما شرعه فهو المتبع؛ وما حكم به هو النافذ (?) .
مطلب: في بيان موضع التسبيح وغايته وصلته بما بعده:
- لمّا بيّن الله تعالى اتخاذ اليهود والنصارى لأحبارهم ورهبانهم أرباباً من دونه، واتخاذهم المسيح ابن مريم إلهاً مع الله وافترائهم عليه في ذلك كلّه نزه الله ذاته العليّة عن شركهم وافتراءاتهم. قال ابن جرير الطبري:"تنزيهاً وتطهيراً لله عما يشرك هؤلاء في طاعته وربوبيته القائلون عزير ابن الله والمسيح ابن الله المتخذون أحبارهم أرباباً من دون الله" (?) .
وبما يشابه كلام الطبري قال السعدي:"أي تنزه وتقدّس وتعالت عظمته عن شركهم وافتراءاتهم فإنهم ينتقصونه في ذلك ويصفونه بما لا يليق بجلاله. والله تعالى في أوصافه وأفعاله عن كل ما نُسب إليه ممّا ينافي كماله المقدّس" (?) .