والمسجد بيت مال للمسلمين ولقسمته بينهم.
ففي صحيح البخاري: أتي النبي صلى الله عليه وآله وسلم بمال من البحرين وكان مائة ألف فقال عليه السلام: "أنشروه في المسجد وكان أكثر مال أتى به عليه السلام فقسمه على الناس في المسجد".
وللمسجد مآرب أخرى في الإسلام ومنها: اللهو المباح واللعب بما يعد تدريباً ومراناً على الحرب والقتال.
فعند البخاري ومسلم عن عائشة أم المؤمنين: جاء حبش يزفنون – يرقصون – في المسجد في يوم عيد فدعاني رسول الله فوضعت رأسي على منكبه فجعلت أنظر إلى لعبهم بالحراب حتى كنت أنا التي انصرفت.
قال ابن حزم: واللعب والزفن مباحان في المسجد.
وقال الحافظ: لعب الحبشة في المسجد ليس لعباً مجرداً بل فيه تدريب للشجعان على مواقع الحروب والاستعداد للعدو.
ذكر كل ذلك أمهات كتب السنة صحاحاً وسنناً ومسانيد وبين ذلك شراحها ابن حزم والحافظ والنووي وغيرهم.
ومنذ عهد بعيد في تاريخ الإسلام، منذ عهد الخلفاء الراشدين إلى عصر المسلمين هذا، أخذ المسلمون: خلفاء وملوكاً رؤساء وأمراء شعوباً وأفراداً أخذوا يقيمون مؤسسات تخفف العبء عن المسجد وتحمل عنه ومعه الكثير من وظائفه.
فشيدوا المدارس والجامعات والمحاكم والمعتقلات ودور الضيافة والملاجئ والمستشفيات والمصحات ومصانع السلاح وبيوت المال.
ومن ذلك أقاموا النوادي للمحاضرات والمسافرات وتوجيه الناس ولتناشد الأشعار وتبادل الآراء وإحياء التراث وإشاعته والاستفادة منه، والاستجمام من عناء المكتب وصخب الشارع ودوامة المتجر وهدير المصنع، ولقاء الناس زملاء وأصدقاء، والتعرف بالناس والتعارف بينهم، ولمآرب أخرى من استراحة مجهد من دار أو مكتب أو متجر.