قص ذلك وحكاه الأزرقي والخزاعي وابن إسحاق وابن هشام والسهيلي والخشني والفاكهي والحنفي والفاسي وغيرهم في كتبهم في السيرة النبوية وتاريخ مكة المكرمة.
والنادي عند العرب ورثه المسجد حين جاء الله بمحمد والإسلام وأكرم الله بهما العرب والناس، فورث محمد بن عبد الله بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف بن قصي صلوات الله وسلامه عليه وآله: من جده قصي فضم وظائفه للمسجد وأصبح بذلك النادي جزءاً من المسجد وبعضاً منه في مهماته وأعماله.
فقام المسجد في الإسلام مقام دار الندوة واستغنى عنها به ودخلت فيه دخول الخلية في الجسم ودخول الفرع في الأصل فكان المسجد في الإسلام مسجداً للصلاة رُكعاً وسجوداً وللعبادة ذكراً وتلاوة واعتكافاً، وجامعاً لاجتماع الناس والخطابة فيهم كل جمعة، وعندما يحزبهم أمر. وجامعة للكبار لإلقاء العلوم وتلقيها، ومدرسة للصغار للقراءة والكتابة، ونادياً لتناشد الأشعار والأدب والحديث والمذاكرة، ومحكمة للقضاء والفتوى، ومعتقلاً للأسرى والخاطئين، وداراً للوفود، وملجأ للفقراء، ومطعماً للمساكين، ودار سكنى ومنامة لمن لا أهل له، ومستشفى، وداراً لعقد الزواج، ومصنعاً للسلاح، وبيت مال للمسلمين، ولقسمته بينهم ومآرب أخرى.
المسجد معبد لله وبيت من بيوته للصلاة والعبادة. ومن هذه الوظيفة الرئيسية اتخذ اسمه: مسجداً {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالْآصَالِ رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ} {وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُو مَعَ اللَّهِ أَحَداً} {وَعَهِدْنَا إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ وَالْعَاكِفِينَ وَالرُّكَّعِ السُّجُودِ} .