وكحق الملكية الفردية حق الإرث فكل ما جاز أن يتملك جاز أن يورث فقد أقرّ الإسلام الإرث لأن فيه تعادلاً بين الجهد والجزاء يحفز الفرد على العمل ما دام يعلم أن ثمرة أتعابه تعود عليه في حياته وتمتد إلى أولاده بعد وفاته بالإضافة إلى ما في نظام الإرث الإسلامي من توزيع عادل للثروة وعدم حصرها في فئة معينة كما هو مبين في مواضعه من القرآن الكريم.
إن الإسلام وإن أقرّ بحق الملكية الفردية لكنه لم يدع هذا الحق على إطلاقه بلا قيد أو حد بل دعا إلى الاعتدال كدأبه في كل الأمور فرتّب حقوقاً في المال للأفراد والجماعات لدعم صرح المحبة والتراجم بين أفراد الأمة وطبقاتها المختلفة.
فأول الحقوق التي فرضها الإسلام هو حق الزكاة – وهو حق الجماعة في عنق الفرد حق مفروض بحساب معلوم في أصناف معينة هي النقد – والمواشي – والزرع – وعروض التجارة – والمعادن – وقد فرضها الله تعالى مواساة للفقراء ومعونة لذوي الحاجات وتقوية لروابط الألفة والمحبة والتعاطف بين مختلف الطبقات ولعمر الله إنها لإحدى الوسائل الناجحة لمعالجة الفقر والفقراء التي لها خطرها على الأعداء ونتائجها في كيان الأمة. ثم بعد فرض هذا الحق العظيم في المال جعل الفرد موكولاً إلى نفسه وضميره – فله مطلق التصرف في بقية المال الذي بحوزته فإن النفقة كانت لنفقته حسنات ودرجات أي أن نفقاته مخلوفة – قال تعالى: {وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ} . وقال تعالى: {وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً وَمَا تُقَدِّمُوا لأَنْفُسِكُمْ مِنْ خَيْرٍ تَجِدُوهُ عِنْدَ اللَّهِ هُوَ خَيْراً وَأَعْظَمَ أَجْراً} .
وإن أمسكه بعد إخراج الزكاة منه كان إمساكه جائزاً لا حرج فيه.
وحذر الإسلام الفرد من سلوك الطرق غير المشروعة في اكتساب الرزق ووضح له المبادئ التالية من إنفاق المال والتصرف فيه:
أولا: