ومعلوم أنَّه لا يكون شيء إلاّ بمشيئة الله وقدرته، وأنَّ الخلق ليس منهم شيء إلاّ ما أحدثه الله فيهم، فإذا انقطع طلب القلب للمعونة منهم وطلبها من الله فقد طلبها من خالقها الذي لا يأتي بها إلاّ هو، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ} [54] وقال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يُرِدْكَ بِخَيْرٍ فَلا رَادَّ لِفَضْلِهِ} [55] وقال تعالى: {وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ} [56] وقال تعالى: {قُلْ أَفَرَأَيْتُمْ مَا تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرَادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كَاشِفَاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرَادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكَاتُ رَحْمَتِهِ} [57] .
وقال صاحب يس: {أَأَتَّخِذُ مِنْ دُونِهِ آلِهَةً إِنْ يُرِدْنِ الرَّحْمَنُ بِضُرٍّ لا تُغْنِ عَنِّي شَفَاعَتُهُمْ شَيْئاً وَلا يُنْقِذُونِ إِنِّي إِذاً لَفِي ضَلالٍ مُبِينٍ} [58] ولهذا يأمر الله بالتوكل عليه وحده في غير موضع، وفي الأثر: من سره أن يكون أقوى الناس فليتوكل على الله، ومن سره أن يكون أغنى الناس فليكن بما في يد الله أوثق منه بما في يده)) [59] .
ولهذا ورد في السنة مشروعية قول هذه الكلمة عند خروج المسلم من منزله لقضاء أموره الدينية أو الدنيوية استعانةً بالله واعتماداً عليه، فعن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:"من قال – يعني إذا خرج من بيته – بسم الله، توكلت على الله لا حول ولا قوة إلا بالله تعالى، يقال له: كفيت، ووقيت، وهديت، وتنحى عنه الشيطان، فيقول لشيطان آخر: كيف لك برجل قد هدي وكفي ووقي " رواه أبو داود والترمذي، وقال حديث حسن صحيح. [60]