وهذا افتراض بلا دليل، ولو أن الرواة سمعوا للاستنطاء أمثلة أخرى غير الفعل (أعطى) لذكروها، لأن الأمر عندهم لا يتوقف على ظاهرة لغوية مجردة لم يحسنوا وصفها كما زعم، بل يتعلق بنص القرآن الكريم وما ورد فيه من قراءات بلغوا الغاية في وصفها وضبطها.
ويرى بعض المستشرقين أن الاستنطاء لا علاقة له ألبتة بالفعل (أعطي) ، بل هو فعل سامي آخر معروف في العبرية هو (نطا) بمعنى (مد يده، ثم زيدت عليه الهمزة فصار على وزن (أفعل) في العربية، بزيادة الهمزة.
وذهب إلى هذا الرأي الدكتور عبد المجيد عابدين، وقال: "فـ (أنطى) في العربية أصله: نطا ينطو، أي: مدّ يمدّ، يقال: نطوت الحبل، أي: مددته، وهو من أصل يختلف عن: عطا يعطو، بمعنى: تناول، وإن كان معنياهما يتقاربان في الاستعمال، ولكل لفظ في الفصحى مادته ومشتقاته. وظن السيوطي أن العين الساكنة أبدلت نونًا، وليس هناك إبدال على الحقيقة، ولا لتسكين العين أو تحريكها علاقة بالصيغة النونية".
وكان أبو حيان - وهو على دراية ببعض اللغات السامية - يرى أيضًا أنهما أصلان مختلفان لا إبدال فيهما، قال: "قال أبو الفضل الرازيّ وأبو زكريا التبريزيّ: أبدل من العين نونًا، فإن عنيا النون في هذه اللغة مكان العين في غيرها فحسن، وإن عنيا البدل الصناعي فليس كذلك، بل كل واحد من اللغتين أصل بنفسها لوجود تمام التصرف من كل واحدة، فلا يقول الأصل العين، ثم أبدلت النون منها".
ويرى الدكتور عبد الرحمن أيوب أن في العربية الفعل (ناط) بمعنى أسند الأمر لإنسان ما ليقوم به وهو في العبرية (ناتا) وفي الأمهرية (أمطى) مزيد عليه الهمزة كالفعل العربي (أعطى) ووجود النون في العبرية فاء للفعل والميم في الأثيوبية دليل على أن المادة الأصلية للفعل العربي (ن ط ى) .