وأحياناً يقع الطلاق على الزوجة ظلماً وعدواناً، عندها تحزن البنت كثيراً ويحزن أهلها لحزنها، والعزاء في ذلك أن ابنتي الرسول –صلى الله عليه وسلم-: رقية وأم كلثوم طلقتا من عتبة وعتيبة ابنا أبي لهب ظلماً بدون سبب إلاَّ أنهما صدقتا ما قاله النبي –صلى الله عليه وسلم-: من أنه أوحي إليه وأنه نبي هذه الأمة، الكلام الذي أغضب قريش فقد تزوج عتبة بن أبي لهب من رقية بنت رسول الله –صلى الله عليه وسلم- فلما نزلت {تَبَّتْ يَدَا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ} قال أبو لهب: "رأسي من رأسك حرام إن لم تطلق بنت محمد ففارقها قبل الدخول" [67] .

ولم يكتف أبو لهب بذلك بل أمر ابنه عتيبة أن يطلق أم كلثوم بنت النبي –صلى الله عليه وسلم- ظناً منه أنه بذلك يستطيع أن يشغل النبي –صلى الله عليه وسلم- عن دعوته [68] .

هنا درس للبنات وللآباء بأن يصبروا ويحتسبوا الأجر من الله جلَّ وعلا، وأن ما وقع من الطلاق ظلماً ما هو إلاَّ ابتلاء سوف يعوضهم الله خيراً فقد عوض الله ابنتي الرسول –صلى الله عليه وسلم- خيراً من عتبة وعتيبة، عوضهما زوجاً صالحاً كريماً هو عثمان بن عفان -رضي الله عنه- أحد العشرة المبشرين بالجنة وثالث الخلفاء الراشدين، فقد تزوج عثمان -رضي الله عنه- برقية وبعد وفاتها تزوج بأختها أم كلثوم قال الله تعالى: {فَعَسَى أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللَّهُ فِيهِ خَيْراً} [69] .

وقد يحدث أن يفقد الأب بعض بناته بموتهن فالموت نهاية كل حي وهو المصير المحتوم الذي لا مفر منه قال الله تعالى:

{وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَيُرْسِلُ عَلَيْكُمْ حَفَظَةً حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا وَهُمْ لا يُفَرِّطُونَ} [70] يقول الشيخ ابن سعدي – يرحمه الله – في تفسير هذه الآية:

{تَوَفَّتْهُ رُسُلُنَا} "أي الملائكة الموكلون بقبض الأرواح"

طور بواسطة نورين ميديا © 2015