إن تفسير الحوادث الكونية والتاريخية والاجتماعية في معزل عن الشرع يُحدث تصدعاً في البنية المعرفية عند الإنسان، ويتبعها نظرة معملية لذلك، فيفقد بها المتربي المعرفة الشرعية، وربط الأسباب بمسبباتها، وربط ذلك كله بإرادة الله وحكمته وكمال تدبيره سبحانه وتعالى، فينعكس ذلك على الجانب الاعتقادي.

وبالتالي يحجم تفكيره عن الإبداع وسبر غور الأحداث، خاصة في المجال التاريخي والاجتماعي.

ومثال ذلك "السنن الاجتماعية التي أوضحها الله تعالى في القرآن الكريم، أن فشو الظلم وغياب العدل من الأسباب الموجبة لهلاك الأمم، وسقوط الحضارات". قال تعالى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً وَأَنْشَأْنَا بَعْدَهَا قَوْماً آخَرِينَ} (?) .

فإذا دُرس سقوط الأمم من خلال العثرات الاقتصادية التي وقعت فيها، وأودت بهلاكها، أو بالهزائم العسكرية وحدها، دون النظر إلى الأسباب الشرعية التي كانت أساساً للأسباب المادية كانت تلك الدراسة التاريخية مادية، لا تبني في صاحبها ولا في القارئ بُعد النظر الذي هو شعلة الإبداع المعرفي.

7- عدم الاتكالية:

إن الاتكال على الآخرين في كل شيء، والاعتماد عليهم في التنظيم والتخطيط وإيجاد الحلول والبدائل، يجعل عقل الإنسان عقيماً، بعيداً عن التفكير البناء، ويعيق نشاط الذهن الذي يثمر الإبداع الجيد الصحيح.

وعدم الاتكالية إحدى خطوات البحث العلمي الواعي، وهذا الأمر ليس مطلقاً، لأن الآخرين إما نقطة نبدأ منها للبناء، أو للهدم، أو نستعين بها، ولكن الخطأ في الاتكال الكلي دون أن يبذل الإنسان ما في وسعه. ولذلك اشْتُرِط للعمل الإبداعي أن يتحقق فيه أحد الشروط التالية:

- أن يكون النتاج الفكري جديداً، وذا قيمة.

- أن يتضمن تغييراً للأفكار السابقة، إذا كانت خاطئة.

- أن يكون النتاج الفكري عميقاً، أو فيه إثارة شديدة.

- أن تكون صياغة المشكلة مزيلة للغموض.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015