إن الإنسان يستطيع أن يشاهد ويلاحظ ما تستطيع حواسه أن تدركه من آيات الله الكونية المبثوثة في الكون، كالجبال والسهول والأودية والأشجار والنجوم، وغيرها من آيات الله الكونية، وهي آيات عظيمة تدل على عظمة الخالق تبارك وتعالى، فتربي الإنسان على صحة التوجه وسعة النظر، وكلما تأمل المؤمن في مخلوقات الله تعالى ازداد إيمانه واتسعت آفاقه وتفكيره، وقد بين تبارك وتعالى أن آياته تدل على الحق، قال تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفَاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ} (?) .
فليتأمل الإنسان مثلاً: الحكمة البديعة في تيسيره سبحانه وتعالى على عباده ما هم أحوج إليه، فكل ما كانوا أحوج إليه كان أكثر وأوسع، وكلما استغنوا عنه كان أقل، وإذا توسطت الحاجة توسط وجودها، فاعتبر هذا بالأصول الأربعة: التراب والماء والهواء والنار، وتأمل سعة ما خُلِقَ منها وكثرته، فتأمل سعة الهواء وعمومه ووجوده بكل مكان، ولولا كثرته وسعته وامتداده في أقطار العالم لاختنق العالم من الدخان والبخار المتصاعد، وتأمل حكمة ربك في أن سخر لها الرياح، فإذا تصاعد أحاله سحاباً أو ضباباً، فذهب عن العالم شره، فسل الجاحد من الذي دبر هذا التدبير؟ وهل يقدر العالم لو اجتمعوا أن يحيلوا ذلك سحاباً ويذهبوه عن الناس؟ ولو شاء الله تعالى لحبس الرياح فاختنق من على وجه الأرض.
فهذا التدبر إذا وسعته المناهج الدراسية أحدثت عند المتربي بُعْد النظر، وسعة الأفق، وحُسن الاستنتاج والاستنباط، وسلامة التحليل والتفسير، وربط الأسباب بالمسببات، وبخالق الأسباب ومدبر الأحوال.
3 - تدبر العواقب: