ويظهر أن هذا الحديث لا يقوم حجة على مالك لا في المسألة الأولى ولا في الثانية لأن مسلماً رواه عن عائشة رضي الله عنها عن طريق يحي ابن يحي بلفظ أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي بالليل إحدى عشرة ركعة يوتر فيها بواحدة، وروى مسلم أيضاً عن عائشة من طريق حرملة أنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي فيما بين أن يفرغ من صلاة العشاء وهي التي يدعوها الناس العتمة إلى الفجر إحدى عشرة ركعة يسلم من كل ركعتين ويوتر بواحدة، ولا شك أن روايات الحديث يفسر بعضها بعضاً فرواية البخاري فيها إجمال؛ لأنه قال: يصلي أربعة ثم يصلي ثلاثاً يحتمل أنها من غير فصل ويحتمل أنها مع الفصل، ولا نسلم أنه أظهر من الأول لأنا نقول أن عائشة إنما خصصت الأربع والثلاث بالذكر لأنه هو المقدار الذي كان النبي صلى الله عليه وسلم ينام بعد أدائه.

وإذا كان الحديث مجملاً فيتعين حمله على المبين كما هي القاعدة وليس في ذلك دليل لغير مالك ولا حجة عليه ويبقى حديث مسلم المذكور دليلاً لمالك فيما ذهب إليه. ومما يشهد له ما روي عن عمر من قوله: صلاة الليل مثنى فإذا رأيت أن الصبح يدركك فأوتر بواحدة الحديث. ولابن رشد في بداية المجتهد كلام حسن جميل ينبغي مراجعته.

--------------------------------------------------------------------------------

( [1] ) المشهور "الفجر"مكان الشمس انظر رواية الموطأ عن السائب بن يزيد رقم 248 "المجلة".

طور بواسطة نورين ميديا © 2015