والجواب عن هذا: أن الرسل -عليهم صلوات الله وسلامه- لما كانت دعوتهم واحدة وهي: (لا إله إلا الله) صار مكذب واحد منهم مكذباً لجميعهم؛ كما يدل لذلك قوله تعالى: {وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلاّ أَنَا فَاعْبُدُونِ} وقوله: {وَلَقَدْ بَعَثْنَا فِي كُلِّ أُمَّةٍ رَسُولاً أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ وَاجْتَنِبُوا الطَّاغُوتَ} . وقد بين تعالى أن مكذب بعضهم مكذب للجميع بقوله: {وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلاً أُولَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ حَقّاً} .
ويأتي مثل هذا الإشكال والجواب في قوله: {كَذَّبَتْ عَادٌ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ هُودٌ} إلى أخره. وقوله: {كَذَّبَتْ ثَمُودُ الْمُرْسَلِينَ إِذْ قَالَ لَهُمْ أَخُوهُمْ صَالِح} .
وكذلك في قصة لوط، وشعيب على الجميع وعلى نبينا الصلاة والسلام.
سورة النمل
قوله تعالى أخباراً عن بلقيس: {وَإِنِّي مُرْسِلَةٌ إِلَيْهِمْ بِهَدِيَّةٍ فَنَاظِرَةٌ بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ} ، يدل على تعدد رسلها إلى سليمان وقوله: {فَلَمَّا جَاءَ سُلَيْمَان} بإفراد فاعل جاء، وقوله تعالى أخباراً عن سليمان أنه قال: {ارْجِعْ إِلَيْهِمْ فَلَنَأْتِيَنَّهُمْ بِجُنُودٍ} الآية يدل على أن الرسول واحد.
والظاهر في الجواب: هو ما ذكره غير واحد من أن الرسل جماعة وعليهم رئيس منهم فالجمع نظراً إلى الكل والإفراد نظراً إلى الرئيس؛ لأن من معه تبع له والعلم عند الله تعالى