عدم وجوب الغسل على من غسل ميتاً ويؤيد حمل الأمر في الحديث على الندب ما سبق من الأدلة على عدم الوجوب، ولأنه يستبعد أن يجهل أهل ذلك الجمع الذين هم أعيان المهاجرين والأنصار واجباً من الواجبات الشرعية، ولأن الحديث فيه شيء من الضعف فلا يكون دليلاً على الوجوب وهذا مبني على قاعدة وهي أن النهي إذا كان في حديث ضعيف لا يكون للتحريم، والأمر لا يكون للوجوب، لأن الإلزام بالمنع أو الفعل يحتاج إلى دليل تبرأ به الذمة لإلزام العباد.
المطلب الثاني
في لمس الميت أثناء الحمل أو غيره
تقدم في المطلب السابق حكم الغسل بالنسبة لمن غسل ميتاً وفي هذا المطلب أبين حكم الوضوء لمن لمس الميت:
اختلف العلماء في ذلك على قولين:
القول الأول: أن لمس الميت لا ينتقض به الوضوء وهو قول أبي حنيفة ومالك، والشافعي، وأحمد في رواية (?) .
القول الثاني: أن لمس الميت ينقض الوضوء وهو قول إسحاق، والنخعي، وأحمد في المذهب
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية:
1- أن الوضوء ثبت بدليل شرعي والنقض يحتاج إلى دليل شرعي يرتفع به الوضوء ولا دليل على ذلك من كتاب الله ولا من سنة رسوله صلى الله عليه وسلم ولا من الإجماع فيبقى على الأصل.
2- أن الميت المسلم طاهر، ومس الطاهر ليس بحدث ولو كان نجساً فمس النجس ليس بحدث أيضاً.
3- أنه غسل آدمي فأشبه غسل الحي.
واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية:
1- حديث أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "من غسل ميتاً فليغتسل، ومن حمله فليتوضأ" (?) .
وجه الدلالة من الحديث: أنه قد دل على أن لمس الميت ناقض للوضوء.