وقد رجح هذا القول فضيلة الشيخ محمد بن صالح العثيمين - رحمه الله - ومما قال: "إن الأصل عدم النقض حتى يقوم دليل صحيح صريح على ذلك ولم يرد حديث صحيح صريح ولا صحيح غير صريح يوجب على من لمس امرأته الوضوء أما الاستدلال بالآية على وجوب الوضوء من لمس المرأة فهو في غير موضعه، وأن الطهارة ثبتت بمقتضى دليل شرعي، وما ثبت بمقتضى دليل شرعي فإنه لا يمكن رفعه إلا بدليل شرعي ولا دليل على ذلك، وهذا الأمر مما تعم به البلوى، فلو أوجبنا الوضوء به لكان في ذلك حرج ومشقة، وما كان كذلك فإنه منفي شرعاً، ولأن تقييد النقض بالشهوة لا أعلم له دليلاً أصلاً.
والمرأة كالرجل لا ينتقض وضوءها إذا لمست الرجل سواء كان اللمس بشهوة أو بغير شهوة ما لم ينزل منها شيء
المطلب الثاني
في لمس الأمرد
اختلف العلماء في حكم لمس الأمرد على قولين:
القول الأول: أن لمس الأمرد لا ينقض الوضوء سواء كان بشهوة أو بغير شهوة وبه قال الشافعية في الأصح، والحنابلة في المذهب.
القول الثاني: أن لمس الأمرد ينقض الوضوء وبه قال المالكية والشافعية في وجه، والحنابلة في رواية.
الأدلة:
استدل أصحاب القول الأول بالأدلة الآتية:
1-قوله تعالى: {أَوْ لامَسْتُمُ النِّسَاءَ} (?) .
وجه الدلالة: أن الآية لا تتناوله ولا هو داخل في معناها.
2-أنه من جنس لا ينتقض الوضوء بلمسه فكان ما شذ منه ملحقاً بعموم الجنس.
3-أنه ليس محلاً للشهوة، والمرأة محل لشهوة الرجل شرعاً وطبعاً.
واستدل أصحاب القول الثاني بالأدلة الآتية:
1-أنه مما يلتذ بلمسه.
2-أنه محل للشهوة كالمرأة ولأن من الناس - والعياذ بالله - من قلب الله حسه وفطرته فأصبح يشتهي الذكور دون النساء.