وإمامته في النحو ظاهرة في أثناء مؤلفاته، ولكنني سأقتصر على ذكر بعض الأمثلة - من بعض مؤلفاته - التي تتعلق بنحو القرآن وبلاغته مما نقله عن الأئمة والشيوخ، أو قاله هو:
(?) قال رحمه الله تعالى: "ذكر لي الفقيه الأستاذ الفاضل أبو عبد الله محمد بن البكا عن بعضهم، وحكاه ابن مالك في شرح التسهيل أنه أعرب " نفسه " من قوله تعالى: {إِلا مَنْ سَفِهَ نَفْسَهُ} (?) :" نفسه " توكيدًا لـ" من " و" مَنْ " منصوبة على الاستثناء واستحسنه؛ لأن الناس اختلفوا فيه اختلافا كثيرًا.
فقلت له: إن المعنى على الرفع والتفريغ. فقال لي: أتسلم أن في " يرغب " ضميرًا هو فاعله؟. فقلت: نعم، لولا أن المعنى: ما يرغب عن ملة الإسلام إلا من سفه نفسه. فوقف الكلام ها هنا، ثم دلني الأستاذ الكبير أبو سعيد بن لب على ما يؤيد ما ذكرته، وهو قوله تعالى: {وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلا اللَّهُ} (?) وجهه الزمخشري على التفريغ من جهة المعنى، أي: ما يغفر الذنوب إلا الله ... ".
(?) وقال رحمه الله تعالى: "حكى لنا الأستاذ الشهير أبو سعيد بن لب - أبقاه الله - أن الفارسي قال: وجدت في القرآن من وضع الجملة الاسمية موضع الفعلية قوله تعالى: {أَعِنْدَهُ عِلْمُ الْغَيْبِ فَهُوَ يَرَى} (?) ، فقوله: {فَهُوَ يَرَى} جملة اسميّة في موضع فعلية.
وقال ابن جني: وجدت أنا موضعا آخر، قوله تعالى: {أَمْ عِنْدَهُمُ الْغَيْبُ فَهُمْ يَكْتُبُونَ} (?) . وقال أبو الحسن الأبهري: وجدت أنا موضعا آخر: قوله تعالى: {سَوَاءٌ عَلَيْكُمْ أَدَعَوْتُمُوهُمْ أَمْ أَنْتُمْ صَامِتُونَ} (?) .