الأمر الثاني: بعث طلاب من أبناء الشعوب الإسلامية إلى البلدان الأجنبية الكافرة، شرقية كانت أم غربية، وهم حدثاء الأسنان غير فاهمين دينهم فهما جيدا، ولم تتمكن العقيدة من قلوبهم تمكنا يؤمن معه ضلالهم، بل الكثير منهم لا يؤدي شعائر العبادة الظاهرة، وهو في بلاده بين آبائه وأجداده كالصلاة والصيام والحج، هؤلاء الأحداث - وللحداثة أهميتها في تلقي أي مبدأ - الجهال بدينهم - وللجهل أهميته كذلك في الانصياع السريع إلى أي فكر هدام، أقول هؤلاء الأحداث يرسلون إلى البلدان الأجنبية لأخذ حظ وافر من العلوم المفيدة لشعوبهم كالطب والهندسة وعلم طبقات الأرض والتدريبات الحربية والعسكرية والاقتصاد وغيرها إذ هي من الأمور المطلوبة لأن خلو الشعوب الإسلامية من هذه العلوم معناه الاستسلام للأعداء حيث يتقدمون في كل مجالات الحياة ونحن باقون على ضعفنا، وجهلنا بما يهمنا معرفته، وهذا أمر مذموم لا يقره الاسلام بل يأمر بالقوة والأخذ بأسباب العزة من علوم الدين والدنيا جميعا، وحسبنا أن أول آية نزلت على رسول الله بأكبر مفتاح للمعرفة والسعادة في الدارين وهي (القراءة) في قوله تعالى: {اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ} ثم امتن بعد ذلك على الإنسان بأعظم وسيلة لحفظ ما يقرأ لجميع الأجيال ماضيها وحاضرها ومستقبلها، وهي (الكتابة) كما قال تعالى: {اقْرَأْ وَرَبُّكَ الأَكْرَمُ, الَّذِي عَلَّمَ بِالْقَلَمِ} كما أشار إلى نعمة تعليم الإنسان ما يجهل على وجه العموم فقال: {عَلَّمَ الإِنْسَانَ مَا لَمْ يَعْلَمْ} وفي ذلك ما فيه من حفظ هذا الإنسان في التطلع إلى المعرفة وعلم ما يجهل وأولى بذلك (المسلم) لأن كتابه أمره بذلك في شخص نبيه صلى الله عليه وسلم في أول آية نزلت منه.