وإذا بحثنا عن المثل العليا في بني الإنسان بحثنا عن الأخلاق في أسمى صورها العملية الكريمة إنما نجدها في إنسان تمثلت فيه أخلاق القرآن في إنسان كامل أثنى عليه الخالق جل وعلا بقوله سبحانه: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ} .
وصدق الحق سبحانه وتعالى فلقد كانت عظمة أخلاقه صلوات الله وسلامه عليه مستمدة من القرآن الكريم كما أوضحت ذلك الصديقة بنت الصديق رضي الله عنها وعن أبيها حينما سئلت عن أخلاق رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالت: "كان خلقه القرآن".
جاء القرآن بكل خير، ونهى عن كل شر، جاء بالتوحيد، والرحمة، والعدالة، والبر، والشفقة، والحلم، والإحسان، والأمانة في أدق صورها، والبر بالوالدين، والشفقة بالفقير والمسكين، ورعاية اليتيم، وإكرام الجار، والصدق في جميع الأقوال، والكرم، والجود والسخاء، والعفة، والمروءة، والنجدة، والحياء. أتى القرآن بكل خير، وبين ذلك خير بيان، في أسلوب جميل جذاب يسري إلى القلوب، فيستولى عليها ويوجه الإنسان إلى الحق والخير والفضيلة والسعادة في الدنيا والآخرة.
هذه بعض أمثلة مما جاء به القرآن من مكارم الأخلاق تصور المثل العليا في أجمل صورها، وقد أوردنا قطرة من بحار معاني آيات الله في كتابه التي لا يحصيها إلا الله جل وعلا، وتمثلت هذه الشيم العالية والأخلاق الربانية في أكمل صورة في أخلاق المصطفى صلوات الله وسلامه عليه.
وعلى هذا الأساس قامت الدولة الإسلامية الأولى تمسك بكتاب الله وأسوة حسنة برسول الله صلى الله عليه وسلم.
وتربى أبطال الإسلام وعظماؤه على هذه المأدبة القرآنية والأخلاق المحمدية.