قلت: وكان من المجيبين الإمام يحي بن معين وابن أبي خيثمة ومحمد بن سعد وغيرهم وكانوا من المكرهين كما مرّ, وقال الإمام ابن كثير:"واستمر على الامتناع من ذلك الإمام أحمد بن حنبل رحمه الله تعالى ومحمد بن نوح رحمه الله الجنديسابوري فحملا على بعير وسيرا إلى الخليفة عن أمره بذلك وهما مقيدان متعادلان في محمل على بعير واحد فلما كانا ببلاد الرحبة جاءهما رجل من الأعراب من عبادهم يقال له جابر بن عامر فسلم على الإمام أحمد وقال له:"يا هذا إنك وافد الناس فلا تكن شؤما عليهم وإنك رأس الناس اليوم فإياك أن تجيبهم إلى ما يدعونك إليه فيجيبوا فتحمل أوزارهم يوم القيامة وإن كنت تحب الله فاصبر على ما أنت فيه فإنه ما بينك وبين الجنة إلا أن تقتل وإنك إن لم تقتل تمت وإن عشت عشت حميدا".

قلت: صدق الأعرابي رحمه الله ورب أحمد, وكيف لا؛ لأن محنة أحمد ووقفته تلك أعادت للقرآن الكريم – بعد الله عز وجل – حقيقته الكبرى وشرفه العظيم بأنه صفة من صفات الباري جل وعلا وكذا للسنة المحمدية قوتها ونضارتها وحجيتها.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015