أقول: لقد تلقت الأمة القرآن الكريم بحروفه وقراءته وكيفية النطق بتلك الحروف والهيئات والصيغ التي جاءت بها على أنها سنة متبعة يجب الحفاظ عليها والالتزام بها وتعليمها كما جاءت عنه صلوات الله وسلامه عليه واتباع هديه في ذلك.

أورد ابن مجاهد بأسانيده جملة من الأحاديث والآثار الدالة على وجوب الاتباع في نقل القراءة وترك الابتداع.

من ذلك ما رواه عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه قال: «قال لنا علي بن أبي طالب إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمركم أن تقرءوا كلما علمتم» [70] .

وأورد بسنده عن خارجة بن زيد بن ثابت عن أبيه قال: القراءة سنة [71] . وفي رواية أخرى عن خارجة قال: القراءة سنة فاقرءوا كما تجدونه [72] .

وبسنده عن عروة بن الزبير قال: إنما القراءة سنة من السنن فاقرءوه كما علمتموه [73] . وفي رواية: فاقرءوه كما أقرئتموه [74] .

وورد عن ابن مسعود رضي الله عنه أنه كان يقرئ رجلاً فقرأ الرجل {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [75] مرسلة فقال ابن مسعود: ما هكذا أقرأنيها رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال وكيف أقرأكها؟ قال: أقرأنيها: {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ وَالْمَسَاكِينِ} [76] فمدها.

فابن مسعود وهو مَن علمنا إتقانا وضبطا وحسن أداء، مَنْ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في حقه: "من سره أن يقرأ القرآن رطبا كما أنزل فليقرأه على قراءة ابن أم عبد" [77] .

أنكر رضي الله عنه على هذا الرجل أن يقرأ كلمة (الفقراء) من غير مد ولم يرخص له في ذلك [78] مع أن فعله وتركه سواء في عدم التأثير على دلالة الكلمة ومعناها ولكن لما كانت القراءة سنة متبعة وكيفياتها كذلك لم يقبل ابن مسعود من هذا الرجل أن يقرأ بغير ما قرأ به على رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يكون غاشا له موافقا له على ما لم يقرأ به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015