وهؤلاء هم الزنادقة الذين حرقهم علي - رضي الله عنه - بالنار، وأمر بأخاديد خدت لهم عند باب كنده، وقذفهم فيها بعد أن أجلهم ثلاثًا ليتوبوا، فلما لم يتوبوا أحرقهم بالنار، واتفقت الصحابة - رضي الله عنهم - على قتلهم، لكن ابن عباس - رضي الله عنهما - كان مذهبه أن يقتلوا بالسيف بلا تحريق، وهو قول أكثر العلماء، وقصتهم معروفة عند العلماء".

الخاتمة

بعد هذا العرض لمسألة رؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه، ولبعض المسائل المتعلقة بها أعرض أهم النتائج التي توصلت إليها من خلال هذا البحث فأقول:

أولاً: بالنسبة لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه ليلة المعراج فإن الأدلة التي استعرضانها في المبحث الخاص بهذه المسألة ليست قاطعة، وغالبها مبني على الاجتهاد مما يصعب مهمة الترجيح بينها، لكن الذي تطمئن إليه النفس هو ترجيح مذهب من جمع بين أقوال الصحابة ومن بعدهم من نفي وقوع الرؤية البصرية، وأن الرؤية التي أثبتها بعضهم إنما المراد بها الرؤية القلبية، وهو مذهب جماعة من المحققين على رأسهم شيخ الإسلام ابن تيمية وتلميذه ابن قيم الجوزية وابن كثير وابن حجر - رحمهم الله جميعا - وغيرهم.

ثانياً: أما بالنسبة لرؤية النبي صلى الله عليه وسلم لربه في المنام فإن هذه المسألة متفق على وقوعها له صلى الله عليه وسلم وجواز وقوعها لغيره من البشر، ولم يقع نزاع في ذلك بين أهل السنة والجماعة.

ثالثاً: أما الرؤية العيانية في الدنيا فقد اتفق أهل السنة والجماعة على عدم وقوعها لأحد لا للنبي صلى الله عليه وسلم ولا لغيره، وأن كل الأحاديث التي تروى في هذه المسألة فهي موضوعة لا يصح منها شيء.

وكل ما يدعيه الصوفية خاصة، ومن نحا نحوهم من رؤيتهم الله -تبارك وتعالى- عيانًا في هذه الدنيا فإنه كذب محض ولا أساس له من الصحة. فإن هذا مما وقع الاتفاق على عدم وقوعه لأحد كما سبق.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015