وممّا يشبه الالتفات وليس منه: ما في قوله تعالى: {فَإنْ تَوَلَّوْا فَإِنَّمَا عَلَيْهِ مَا حُمِّلَ وَعَلَيْكُمْ مَا حُمِّلْتُمْ} (?) من تغيُّر الأسلوب والعدول عن مقتضى ظاهر الكلام؛ وذلك أن موجب طرد الكلام على أسلوب ما سبق من قوله تعالى: {قُلْ أَطِيْعُوا الله وَأَطِيْعُوا الرَّسُوْلَ} (?) وسوقه على مقتضى الظاهر هو أن يقال: فإن تولّوا فإنّما عليهم ما حمّلوا وعليك ما حمّلت، وإنّما قلنا إنّه ليس منه؛ لعدم النقل عن أحد الطرق الثلاثة إلى الآخر منها؛ فإن المتحقق في قوله تعالى: {قُلْ أَطِيْعُوا اللهَ} تنزيلهم منزلة الغائبين، لا سوق الكلام معهم على طريق الغائبة، والفرق واضح وإن خفي على صاحب الكشف حيث قال: "هو التفات حقيقي؛ لأنّه جعلهم غُيّباً، حيث أمر الرسول [صلى الله عليه وسلم] بخطابهم في قوله {قُلْ أَطِيْعُوا اللهَ} ثم خاطبهم بقوله {فَإِنْ تَوَلَّوْا} (?) . وقد نبّه صاحب الكشاف على ما ذكرنا من عدم الالتفات حقيقة فيما ذكر لفقد شرط النقل حيث قال: "صرف الكلام عن الغيبة إلى الخطاب على طريقة الالتفات" يعني أن مقتضى الظاهر نظم الكلام على الغيبة، ولما صرف عنها كان على طريقة الالتفات وإن لم يكن منه لعدم تحقّق النّقل عن الغيبة، حيث لم يوجب سوق الكلام على صيغتها، ففي إقحام عبارة الطريقة وذكر الصرف دون النّقل تنبيه على ما ذكرنا، فافهم.