ومرجع التلوين المذكور إلى تغيير الأسلوب، وذلك قد يكون بالعدول عن الخطاب الخاصّ إلى الخطاب العام، كما في قوله تعالى: {وَلاَ تَسُبُّوا الَّذِيْنَ يَدْعُوْنَ مِنْ دُوْنِ اللهِ} (?) فإنَّ الخطاب فيما قبله وهو قوله تعالى: {واتَّبِع مَا أُوْحِيَ إليْكَ مِنْ رَبِّكَ} (?) الآية كان خاصاًّ لرسول الله صلى الله عليه وسلم، ولعلّ النكتة فيه التجنب عن مواجهته عليه الصلاة والسلام وحده بالنهي عن خلاف ما هو عليه من الأخلاق الكريمة، إذ لم يكن عليه الصلاة والسلام فحّاشاً ولا سبَّاباً، كما في قوله تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا لَكُمْ مِنْ دُونِ اللهِ مِنْ وَليٍّ وَلاَ نَصِيْرٍ} (?) .

وخصوص الخطاب قد يكون صورة لا معنى، فإنّ الخطاب في قوله

تعالى: {أَلَمْ تَعْلَمْ} وإن كان خاصاً بحسب الصيغة، لكنه عامّ معنى، فإن المخاطب به كلّ واحد ممن يقدر على الاستدلال من المصنوع على الصانع.

وقد يكون بصرف الخطاب عن مخاطب إلى مخاطب، كما في قول جرير:

ثِقِيْ بِاللهِ لَيْسَ لَهُ شَرِيْكٌ

وَمِنْ عِنْدِ الخَلِيْفَةِ بِالنَّجَاحِ

أَغِثْنِيْ يَا فِدَاكَ أَبِيْ وَأُمِّيْ

بِسَيْبٍ مِنْكَ إِنَّك ذُو ارْتِيَاحِ

فإن [المخاطب] بالبيت الأوّل امرأته، وبالبيت الثاني الخليفة (?)

طور بواسطة نورين ميديا © 2015