ومن كمال غناه وكرمه أنه يأمر عباده بدعائه، ويعدهم بإجابة دعواتهم، وإسعافهم بجميع مراداتهم، ويؤتيهم من فضله ما سألوه، وما لم يسألوه، ومن كمال غناه أنه لو اجتمع أول الخلق وآخرهم في صعيد واحد فسألوه، فأعطى كلاً منهم ما سأله وما بلغت أمانيه ما نقص من ملكه مثقال ذرة، ومن كمال غناه، وسعة عطاياه ما يبسطه على أهل دار كرامته من النعيم، واللذات المتتابعات، والخيرات المتواصلات، مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر.
ومن كمال غناه أنه لم يتخذ صاحباً ولا ولداً ولا شريكاً في الملك، ولا ولياً من الذل، وهو الغني الذي كمل بنعوته، وأوصافه، المغني لجميع مخلوقاته.
63- الفتاح:
قال رحمه الله تعالى: "الفتاح: الذي يحكم بين عباده، بأحكامه الشرعية، وأحكامه القدرية، وأحكام الجزاء، الذي فتح بلطفه بصائر الصادقين، وفتح قلوبهم لمعرفته، ومحبته، والإنابة إليه، وفتح لعباده أبواب الرحمة والأرزاق المتنوعة، وسبب لهم الأسباب التي ينالون بها خير الدنيا والآخرة.
وفتحه تعالى قسمان:
أحدهما: فتحه بحكمه الديني، وحكمه الجزائي.
والثاني: الفتاح بحكمه القدري.
ففتحه بحكمه الديني هو شرعه على الّسنة رسله جميع ما يحتاجه المكلفون، ويستقيمون به على الصراط المستقيم، وأما فتحه بجزائه فهو فتحه بين أنبيائه ومخالفيهم وبين أوليائه وأعدائه بإكرام الأنبياء واتباعهم ونجاتهم، وبإهانة أعدائهم وعقوباتهم، وكذلك فتحه يوم القيامة، وحكمه بين الخلائق حين يوفى كل عامل ما عمله. وأما فتحه القدري فهو ما يقدره على عباده من خير، وشر، ونفع، وضر، وعطاء، ومنع، قال تعالى: {مَا يَفْتَحِ اللَّهُ لِلنَّاسِ مِنْ رَحْمَةٍ فَلا مُمْسِكَ لَهَا وَمَا يُمْسِكْ فَلا مُرْسِلَ لَهُ مِنْ بَعْدِهِ وَهُوَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} (?) .