القول الثاني: إن باب الإخبار لا يشترط فيه التوقيف، فما يدخل في الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته، كـ (الشيء) و (الموجود) و (القائم بنفسه) ، فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العليا، فالإخبار عنه قد يكون باسم حسن، أو باسم ليس بسيِّئ، أي باسم لا ينافي الحسن، ولا يجب أن يكون حسناً، ولا يجوز أن يخبر عن الله باسم سيِّئ فيخبر عن الله بما لم يرد إثباته ونفيه بشرط أن يستفصل عن مراد المتكلم فيه، فإن أراد به حَقًّا يليق بالله تعالى فهو مقبول، وإن أراد به معنى لا يليق بالله عز وجل وجب رده.
المطلب الثاني: الألفاظ المجملة وحكم دخولها في باب الصفات وموقف أهل السنة من استعمالها.
يمكن تقسيم الألفاظ المجملة -أي التي لم يرد استعمالها في النصوص- على النحو التالي:
أولاً: ألفاظ ورد استعمالها ابتداءً في بعض كلام السلف.
ومن أمثلة ذلك لفظ (الذات) و (بائن) .
وهذه الألفاظ تحمل معاني صحيحة دلت عليها النصوص.
وهذا النوع من الألفاظ يجيز جمهور أهل السنة استعمالها.
وهناك من يمنع ذلك بحجة أن باب الإخبار توقيفي كسائر الأبواب.
والصواب أنه ما دام المعنى المقصود من ذلك اللفظ يوافق ما دلت عليه النصوص، واستعمل اللفظ لتأكيد ذلك فلا مانع.
كقول أهل السنة: "إن الله استوى على العرش بذاته".
فلفظة (بذاته) مراد بها أن الله مستو على العرش حقيقة وأن الاستواء صفة له.
وكقولهم: "إن الله عالٍ على خلقه بائن منهم".
فلفظة (بائن) يراد بها إثبات العلو حقيقة، والرد على زعم من قال إن الله في كل مكان بذاته.