ولما كانت إضافة الثاني إضافة معنى دلت على أنه صفة للمضاف إليه.
ولهذا لما اهتدى السلف لهذا الفرق هُدُوا إلى الصراط المستقيم، ولما ضل عنه الجهمي الزائغ جعل الجميع باباً واحداً، ولم يفرق بين الأوصاف والأعيان، فوقع في الضلال والبهتان".
المطلب الثالث: موقف المخالفين من المسألة
موقف الجهمية والمعتزلة ومن وافقهم:
ينكر الجهمية والمعتزلة صفات الله عز وجل ولذلك فهم لا يعترفون بالقسم الثاني من أقسام الإضافة إلى الله الذي هو إضافة الصفة إلى الموصوف.
فالمعتزلة يرون امتناع قيام الصفات به، لاعتقادهم أن الصفات أعراض، وأن قيام العرض به يقتضي حدوثه، فردوا جميع ما يضاف إلى الله إلى إضافة خلق، أو إضافة وصف من غير قيام معنى به لأنهم يقولون إنما الصفات مجرد العبارة التي يعبر بها عن الموصوف، وينفون أن يكون لله وصف قائم به علم أو قدرة أو إرادة أو كلام.
موقف الكلابية ومن اتبعهم من الصفاتية:
يفرقون بين الوصف والصفة.
·1 فيجعلون الوصف: هو القول.
·2 ويجعلون الصفة: المعنى القائم بالموصوف.
فقالوا: إن الوصف الذي هو القول يراد به الأفعال، وزعموا أنها لا تقوم به، والصفة: هي الصفات اللازمة القائمة بالذات.
فظنوا أن هناك نوعين مختلفين من الصفات:
أحدهما: قائم بالذات لازم لها، كصفات المعاني السبعة التي هي العلم، والقدرة، والإرادة، والحياة، والسمع، والبصر، والكلام.
والثاني: صفات أفعال لا تقوم عندهم بالذات، بل هي نسب إضافية عدمية تنشأ من إضافة المفعول لفاعله، ولا يعقل لها وجود إلا بتلك الإضافة، فوجودها أمر سلبي، وليس لها وجود في نفسها، فليس ثمت عندهم موجود إلا المفعولات، وأما الأفعال فنسب وإضافات.
المبحث الثالث: العلاقة بين باب الصفات وباب الأسماء وباب الإخبار.
المطلب الأول: العلاقة بين الأبواب الثلاثة.
أولاً: يجب أن يُعْلَم أن توحيد الأسماء والصفات يشتمل على ثلاثة أبواب:
الباب الأول: باب الأسماء.