على رواية ضم النون من لا نخفه وقد نقل ابن جرير في تفسير هذه الآية عن معمر بن المثنى أنه قال: أنشدنيه أبو الخطاب عن أهله في بلده بضم النون من لا نخفه ومعناه لا نظهره أما على الرواية المشهورة بفتح النون من لا نخفه فلا شاهد في البيت إلا على قراءة من قرأ أكاد أخفيها بفتح الهمزة وممن قرأ بذلك أبو الدرداء وسعيد بن جبير والحسن ومجاهد وحميد وروي مثل ذلك عن ابن كثير وعاصم وإطلاق خفاه يخفيه بفتح الياء بمعنى أظهره إطلاق مشهور صحيح إلا أن القراءة به لا تخلو من شذوذ ومنه البيت المذكور على رواية فتح النون وقول كعب بن زهير أو غيره:
داب شهرين ثم شهرا دميكا
باريكين يخفيان غميرا
أي يظهرانه. وقول امرئ القيس:
خفاهن من إنفاقهن كأنما
خفاهن ودق من عشى مجلب
الوجه الرابع: أن خبر كاد محذوف والمعنى على هذا القول أن الساعة آتية أكاد أظهرها فحذف الخبر ثم ابتدأ الكلام بقوله: {أُخْفِيهَا لِتُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا تَسْعَى} , ونظير ذلك من كلام العرب قول ضابئي ابن الحرث البرجمي:
هممت ولم أفعل وكدت وليتني
تركت على عثمان تبكي حلائله
يعني وكدت أفعل.
الوجه الخامس: أن كاد تأتي بمعنى أراد وعليه فمعنى أكاد أخفيها أريد أن أخفيها وإلى هذا القول ذهب الأخفش وابن الأنباري وأبو مسلم كما نقله عنهم الألوسي وغيره قال ابن جني في المحتسب ومن مجيء كاد بمعنى أراد قول الشاعر:
كادت وكدت وتلك خير إرادة
لو عاد من لهو الصبابة ما مضى
كما نقله عنه الألوسي. وقال بعض العلماء أن من مجيء كاد بمعنى أراد قوله تعالى: {كَذَلِكَ كِدْنَا لِيُوسُفَ} أي أردنا له كما ذكره النيسابوري وغيره ومنه قول العرب لا أفعل كذا ولا أكاد أي لا أريد كما نقله بعضهم.