وقد أمر الله سبحانه عباده المؤمنين أن يعدوا للكفار ما استطاعوا من القوة وأن يأخذوا حذرهم كما في قوله عز وجل: {وَأَعِدُّوا لَهُمْ مَا اسْتَطَعْتُمْ مِنْ قُوَّةٍ} وقوله سبحانه: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ} وذلك يدل على وجوب العناية بالأسباب والحذر من مكائد الأعداء ويدخل في ذلك جميع أنواع الإعداد المتعلقة بالأسلحة والأبدان، كما يدخل في ذلك إعداد جميع الوسائل المعنوية والحسية وتدريب المجاهدين على أنواع الأسلحة وكيفية استعمالها وتوجيههم إلى كل ما يعينهم على جهاد عدوهم والسلامة من مكائده في الكر والفر والأرض والجو والبحر وفي سائر الأحوال لأن الله سبحانه أطلق الأمر بالإعداد وأخذ الحذر ولم يذكر نوعاً دون نوع ولاحالا ًدون حال وما ذاك إلا لأن الأوقات تختلف والأسلحة تتنوع، والعدو يقل ويكثر ويضعف ويقوى والجهاد قد يكون ابتداءا وقد يكون دفاعا فلهذه الأمور وغيرها أطلق الله سبحانه الأمر بالإعداد وأخذ الحذر ليجتهد قادة المسلمين وأعيانهم ومفكروهم في إعداد ما يستطيعون من القوة لقتال أعدائهم وما يرونه من المكيدة في ذلك، وقد صح عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه قال: "الحرب خدعة" ومعناه: أن الخصم قد يدرك من خصمه بالمكر والخديعة في الحرب ما لا يدركه بالقوة والعدد وذلك مجرب معروف، وقد وقع في يوم الأحزاب من الخديعة للمشركين واليهود والكيد لهم على يد نعيم بن مسعود - رضي الله عنه - بإذن النبي - صلى الله عليه وسلم - ما كان من أسباب خذلان الكافرين وتفريق شملهم واختلاف كلمتهم، وإعزاز المسلمين ونصرهم عليهم وذلك من فضل الله ونصره لأوليائه ومكره لهم كما قال عز وجل: {وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللَّهُ وَاللَّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ} . ومما تقدم يتضح لذوي البصائر أن الواجب امتثال أمر الله والإعداد لأعدائه وبذل الجهود في الحيطة والحذر، واستعمال كل ما أمكن من الأسباب المباحة الحسية